جميع المعاوضات متّحدا في حكم الربا ، فللشارع أن يجعل للمعاوضة القرضيّة نحوا من الربا ، ولغيرها نحوا آخر.
وأمّا عدم جريان الغرر المنفي فيها ؛ فالظاهر أنّ المراد بالغرر ، غرر المجازفة لا الإبهام والمخاطرة ، لأنّ البطلان في غرر الإبهام ـ كبيع أحد العبدين ـ عقلي ، كما حرّر في محلّه ، والمخاطرة ـ كبيع عبد الآبق ـ لا يتصوّر في القرض ، لأنّ القبض شرط في القرض ، ومع القبض لا يتصوّر مخاطرة.
فلم يبق إلّا غرر الجزاف ـ كبيع ما في الصداق ـ وهذا لا يجري في القرض ، لصحّة إقراض الطعام بكيل مجهول أو بصنجة مجهولة الوزن ، وكذا قرض حفنة من درهم مجهولة العدد ، فيملك المقرض بمجرّد القبض ويصحّ.
غايته لزوم العدّ للمقرض في الدراهم ، لإمكان الوفاء ، ولزوم تحفّظ الكيل والصنجة المجهولتان أيضا لإمكان الوفاء ، ومع التلف أو عدم العدّ يتخلّص بالصلح.
هذا ما يستفاد من كلامه رحمهالله ، لكنّه خلاف ما صرّح به جملة من الفقهاء ، كالعلّامة والمحقّقين وغيرهم حيث اشترطوا العلم في القرض ، بل صرّحوا بالبطلان مع الجهالة (١) ، ومقتضاه عدم حصول الملكيّة مع الجهالة.
ولو تمّ ذلك في القرض جرى عليه الإيراد المتقدّم في الربا من عدم دلالة ذلك على عدم كون القرض من المعاوضات.
وأمّا عدم ذكر العوض ـ أي ما يتحقّق به الوفاء ـ وعدم العلم به فلمعلوميّة كون العوض إمّا مثلا أو قيمة ، فلا يحتاج إلى الذكر ، والعلم بخصوصيّة ما يوفى به
__________________
(١) شرائع الإسلام : ٢ / ٦٨ ، قواعد الأحكام : ١ / ١٥٦ ، جامع المقاصد : ٥ / ٢٤.