قد ذكرنا في هذه الدراسة ، أو أشرنا إلى نصوص قد صرحت : بأن محيي الدين ابن عربي يدّعي لأولياء الصوفية مقام النبوة ، ولكن من دون تشريع ، كما أنه يدعي لهم من الكرامات والأفعال العجيبة التي تصل إلى حد الإعجاز الشيء الكثير .. (١).
ونحن نعلم : أن سياسة جعل البدائل وتكثيرهم ، توجب إضعاف بل إسقاط ، المقامات المعنوية ، والحط من الكرامات ، فتكثير المراجع مثلاً يوجب ضعف أو سقوط مقام المرجعية في النفوس .. وتكثير ادعاء المقامات لكثير من الأشخاص ، يجعل هذا الأمر موهوناً ومبتذلاً. ويتضاءل الإحساس بقيمة ، وتفرد ، وامتياز الأنبياء والأولياء الحقيقيين ، كما أن تكثير المزارات والمقامات ، من شأنه أن يضعف القيمة المعنوية التي تليق بمقامات ومشاهد أهل البيت عليهمالسلام ..
كما أن شيوع ادعاء الكرامات والمعجزات يجعل موضوع الكرامة والمعجزة أمراً مبتذلاً وموهوناً ، يتداوله الناس فيما بينهم ، كما يتداولون طعامهم وشرابهم ..
وتسقط بذلك قيمة النبوات ويصبح رسول الله الذي هو علة وجود
__________________
(١) راجع على سبيل المثال : مجموعة رسائل ابن عربي (المجموعة الثالثة) ص ٣٢٠ و ٣٢١ والفتوحات المكية.