٣٦ ـ ويقول : إن أحمد السبتي ، ابن أمير المؤمنين هارون الرشيد ـ على حد تعبيره ـ كان يصوم ستة أيام ، ويشتغل بالعبادة فيها ، فإذا كان يوم السبت احترف فيما يأكله بقية الأسبوع.
فقال له : «لم خصصت يوم السبت بعمل الحرفة ، فقال : لأن الله سبحانه ابتدأ خلقنا يوم الأحد ، وانتهى الفراغ منه في يوم الجمعة ، فجعلت تلك الأيام لي عبادة لله تعالى ، لا اشتغل فيها بما فيه حظ لنفسي ، فاحترفت في طلب ما أتقوت به في تلك الأيام.
هكذا كل جمعة ، فإنه سبحانه نظر إلى ما خلق في يوم السبت ، فاستلقى ، ووضع إحدى رجليه على الأخرى ، وقال : أنا الملك ، لظهور الملك ، ولهذا أسمي يوم السبت ، والسبت هو الراحة.
ولهذا أخبر الله تعالى : أنه ما مسه من لغوب فيما خلقه .. واللغوب هو الإعياء ، فهي راحة لا عن إعياء ، كما هي في حقنا ..
فتعجبت من فطنته ، وقصده ، فسألته : من كان قطب الزمان في وقتك؟
فقال : أنا. ثم ودعني وانصرف» (١).
وقد مر معنا في بعض فصول هذه الدراسة : أنه يعتبر أحمد السبتي من أصحاب المقامات وقد لاحظنا هنا : أنه تعجب من فطنته! لروايته الإسرائيليات الباطلة.
ونحن بدورنا نتعجب من اعتباره ذلك من الفطنة!!
ملاحظة : هناك اثنان من أعلام المتصوفة باسم أحمد السبتي ، أحدهما : ابن
__________________
(١) الفتوحات المكية ج ٩ ص ٢٢٦ و ٢٢٧ تحقيق إبراهيم مدكور وعثمان يحيى.