وأما الحكمة في كونهما يغلي منهما دماغه ، فلأن في الصحيح : «ألا أخبركم برأس الأمر وعموده ، وذروة سنامه؟ : الجهاد في سبيل الله ..
ومن المعلوم : أن أبا طالب كان أشد الناس جهاداً عن رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم ، ولكنه لم يتدين بدينه ، خشية من السبّة ، فكان خوفه لغير الله سبباً لإحباط جهاده ، وإفساده ..
وهكذا تكون حقيقة خوفه لغير الله ، وهي نعله في النار ، سبباً لإذابة دماغه ، وهو لهب رأسه ، وإحباطه بالإذابة والإفساد .. (١).
١٥ ـ وقال حول نزول آية : (إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَن يَشَاء) (٢) ، «.. ولو كان للهمة أثر ولا بد ، لم يكن أحد أكمل من رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم ، ولا أعلى ولا أقوى همة منه ، وما أثرت في إسلام أبي طالب عمه. وفيه نزلت الآية التي ذكرناها الخ ..» (٣).
١٦ ـ ويقول حول أن الشارع قرر حكم المجتهد ، فليس لغيره الذي يراه مخطئاً إزالة حكم اجتهاده :
«أصل هذا الباب في قبول الكامل ما يشير به الأنقص ، في المسألة التي هي أعلم بها منه ، حديث تأبير النخل ، وقوله صلى الله عليه [وآله] وسلم لأصحابه : أنتم أعلم بمصالح دنياكم. ورجع إلى قولهم.
وكذلك رجوعه صلى الله عليه [وآله] وسلم إلى قولهم يوم بدر في
__________________
(١) مجموعة رسائل ابن عربي (المجموعة الثانية) ص ٤٣٨ و ٤٣٩ و ٤٤٠.
(٢) الآية ٥٦ من سورة القصص.
(٣) فصوص الحكم ص ١٣٠.