٢ ـ وقال : «رضي الله عن الصديق الأكبر ، صاحب السر ، العلم الأزهر ، في قيامه على منبر الطرفاء ، يوم الداهية الدهياء ، بموت سيد الأنبياء ، أمين الأمناء ، وعلم الاهتداء ، وقد ذهل من كان عندنا أقوى الأقوياء ، فما ظنك بالضعفاء.
وصار الرفيق الأسيف ، على مذهب السيدة الحميراء (١) ، لما كان يظهر عليه من شد التلهف والبكاء ، فكان أضعفهم عيناً ، وأقواهم في صميم السويداء ، فقال :
«من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات ، ومن كان يعبد الله فالله حي لا يموت».
ثم تلا استشهاداً على مقالته الزهراء : (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ) (١) .. إلى آخر الآية الغراء ، ثم تلاها بقوله جل ثناؤه : (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ) (٢) ..
ثم خاطب جميع الخصماء ..
فهذه القوة الإلهية من زهده في القوت ، وسوقه جميع ما ملكته يده لله ورسوله ، فملكه مفاتيح التابوت.
فمن غيرته عليه وأمانته ، إخفاؤه إياه إلى يوم فقد صاحب رسالته ، ففتح تابوت صدره ، وأبدى مكنون سره ، ونبه بعلمه على مكانته من الله وقدره ..
__________________
(١) أي من حيث ظهور الضعف عليه أمام المصيبة ، لأن النساء يضعفن ، ويغلب عليهن البكاء.
(٢) الآية ١٤٤ من سورة آل عمران.
(٣) الآية ٣٠ من سورة الزمر.