وقالوا : «لقد أومأ بدقة إلى حديث المنزلة ، تحت عنوان «فص هاروني» من كتاب الفصوص ، والعبارة هي قوله :
«فص حكمة إمامية في كلمة هارونية».
حيث دلت عبارته هذه ـ بزعمهم ـ على أمرين :
أحدهما : أن ظاهر الكلمة يوهم : أن حكمة الطائفة الإمامية في الكلمة الهارونية ، وهي حديث المنزلة ، ولفظ أخلفني.
ثانيهما : إنه أورد في عبارته المقام الهاروني صريحاً بلفظ «الإمامة» ، ولم يبال بمخالفة علماء أهل السنة ، وإنكارهم الخلافة الهارونية ..» (١).
ونقول :
أولاً : إن هذا الإستدلال غريب أيضاً .. فإنه لم يورد في ذلك الفصل أي شيئ يشير إلى هذه التفاصيل التي ذكروها سوى هذا العنوان الآنف الذكر ، فهو لم يشر إلى الإمام علي عليهالسلام ، ولا إلى حجة الوداع ، ولا إلى حديث المنزلة ، ولا لغير ذلك ، مما يدل على أمر الإمامة ، لا من قريب ولا من بعيد ..
ثانياً : إن كلمة الإمامة تستعمل عند أهل السنة في معنى الخلافة أيضاً .. وأهل السنة ينكرون خلافة هارون لأخيه موسى ، وصيرورته بذلك إماماً لقومه بعده .. بحجة أن النبي هارون عليهالسلام ، قد مات قبل النبي موسى عليهالسلام ، فلا معنى لأن يكون خليفة له من بعده ..
ونقول لهم : إن المراد من حديث المنزلة هو إثبات المنزلة التي كانت لهارون النبي من النبي موسى عليهماالسلام ـ إثباتها لأمير المؤمنين «عليه
__________________
(١) راجع : الروح المجرد ص ٣٣٠ ـ ٣٣٢.