«وما ورد نص يحول بيننا وبين ما ذكرناه من الحكم ، فبقي الإمكان على أصله في هذه المسألة. وفي الشريعة ما يعضده ، من قوله : (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ) (١) .. وقوله : «رحمتي سبقت غضبي» (٢) ..».
٤٢ ـ وقال : «فقالت لفرعون في حق موسى : إنه «قرة عين لي ولك» ، فبه قرت عينها بالكمال الذي حصل لها كما قلنا.
وكان قرة عين لفرعون بالإيمان الذي أعطاه الله عند الغرق ، فقبضه طاهراً مطهراً ، ليس فيه شيء من الخبث ، لأنه قبضه عند إيمانه ، قبل أن يكتسب شيئاً من الآثام ، والإسلام يجب ما قبله ..
وجعله آية على عنايته سبحانه من شاء ، حتى لا ييأس أحد من رحمة الله ، فإنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون ..
فلو كان فرعون ممن يئس ما بادر إلى الإيمان ، فكان موسى كما قالت امرأة فرعون فيه : إنه قرة عين لي ولك ، عسى أن ينفعنا ، وكذلك وقع ، فإن الله نفعهما به عليهالسلام» (٣).
ونقول :
إن هذا يخالف ما دل على أن الإسلام حين رؤية البأس لا ينفع ، مع أن الله قد أنكر عليه إيمانه حال غرقه ، فقال : (آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ
__________________
(١) الآية ١٥٦ من سورة الأعراف.
(٢) الفتوحات المكية ج ٨ ص ٩٩ و ١٠٠ تحقيق إبراهيم مدكور وعثمان يحيى.
(٣) فصوص الحكم ص ٢٠١.