خامساً : إن مدائحه العجيبة ، والغريبة لنفسه ، وما ادعاه من عروج متكرر ، ومن أنه بقي في خلوته تسعة أشهر بلا طعام ، وأنه هو خاتم الأولياء ، كما كان النبي خاتم الأنبياء ، وغير ذلك مما تقدم بعضه ..
إن ذلك كله ، لا تفرضه عليه تقية ولا غيرها!! بل هو مما يأباه له خلقه ، فإن المؤمن الصادق ينزه نفسه عنه ، وأهل الكرامات الحقيقيين ، لا يتبجحون بكراماتهم ، ولا يدلون على غيرهم بمقاماتهم ، بل هم أكثر الناس تواضعاً ، وأشدهم ابتعاداً عن الإدعاء والشهرة.
سادساً : قد قلنا : إن من يراجع كتابه : «الفتوحات المكية» يجد أن قسماً منه مبني على تفاصيل فقهية ، كثيرة ومتنوعة ، لا تخرج عن دائرة فقه أهل السنة ، وحديثهم ، وأصولهم الاستنباطية ، والرجالية ، وغيرها .. رغم أن العلم الذي يتصدى لمعانيه ومراميه لا يتوقف على تبني ، ولا على طرح تلك المسائل من الأساس ..
فكيف تصح دعوى التقية في كل هذا البناء المتكامل ، القائم على مسلمات ومناهج المذهب السني ، في قواعده ، وفي مناشئه ، ومرتكزاته ، وفي غاياته وفي كل تفاصيله العقائدية ، والفقهية ، والحديثية ، والتاريخية ، و .. و ..؟!
وبعد ، فإنه ربما يكون السبب في وقوع بعض الأعلام في الشبهة حول ابن عربي ، وحول المتصوفة بشكل عام ، هو أنهم رأوهم يمدحون الإمام علي عليهالسلام في كلامهم ، فظنوا : أن ما يتظاهرون به من حب له عليهالسلام ، وما يمدحونه به ، قد نشأ عن أن الحب قد أدى بهم إلى الدخول في التشيع ..
وقد غفلوا عن أمور لها أهميتها البالغة في معرفة السبب في إظهار هذا الحب ، وهي :