وللنحاة فى هذا التركيب رأيان :
أولهما : رأى الجمهور ، حيث يذهبون إلى أن حرف العطف له الصدارة قبل همزة الاستفهام ، فكان الأصل : وألا يعلمون ، فألا تعقلون ، ثم إذا وقع. ثم قدّمت الهمزة على حرف العطف للدلالة على أصالتها فى التصدير ، وفى هذا الرأى تلمس تقدم بعض المعطوف على العاطف.
والآخر : ما يراه الزمخشرى من أن كلّا من الهمزة وحرف العطف فى موضعه ، حيث تسبق الهمزة حرف العطف ، وحينئذ يجب أن يقدر معطوف عليه محذوف جملة تقدر بين همزة الاستفهام وحرف العطف ، وما بعد حرف العطف معطوف على هذه الجملة المحذوفة ، فيكون التقدير فى ما سبق : أيجهلون فلا يعلمون ، أتغفلون فلا تعقلون ، أانصرفتم عنه ثم إذا ما وقع ...
ويحكى عن الزمخشرى موافقة الجمهور فى رأيهم السابق.
ومهما اختير من رأى فإن هذا التركيب شائع ، حيث تسبق همزة الاستفهام حروف العطف الثلاثة ، ويكون الاستفهام إنكاريا أو توبيخيا. ومنه : (أَفَلَمْ يَرَوْا إِلى ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ) [سبأ : ٩]. (أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ) [البقرة : ٧٥](أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتابِ) [البقرة : ٨٥] ، (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ) [النساء : ٨٢]. (أَفَبِالْباطِلِ يُؤْمِنُونَ) [العنكبوت : ٦٧]. (أَفَرَأَيْتُمْ ما تَحْرُثُونَ) [الواقعة : ٦٣].
ومنه : (أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صافَّاتٍ) [الملك : ١٩]. (أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ) [غافر : ٢١]. (أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ نُطْفَةٍ) [يس : ٧٧](١).
__________________
(١) (أو لم) الهمزة : حرف استفهام مبنى لا محل له من الإعراب. الواو : حرف عطف مبنى لا محل له من الإعراب. لم : حرف نفى وجزم وقلب مبنى على السكون لا محل له من الإعراب. (ير) فعل مضارع مجزوم ، وعلامة جزمه حذف حرف العلة. (الإنسان) فاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. (أنا) أن :حرف توكيد ونصب مصدرى مبنى لا محل له من الإعراب. وضمير المتكلمين مبنى فى محل نصب ، اسم إن. (خلقناه) خلق : فعل ماض مبنى على السكون. وضمير المتكلمين مبنى فى محل رفع ، فاعل.