ومنه قول الهذلى :
لئن نأيت أو رميت من أمم |
|
لأخضبن بعضك من بعض بدم (١) |
جملة الجواب (لأخضبن) احتسبت جوابا للقسم المتقدم المنبئ عنه اللام فى (لئن) ، أو الموطئة له ، أما جواب شرط (إن) فإنه يكون محذوفا دلّ عليه جواب القسم.
ومن اجتماع الشرط والقسم أن يسبق القسم الشرط عن طريق تقدير لام القسم محذوفة فى صدر التركيب ، كما هو فى قوله تعالى : (وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ) [الأنعام : ١٢١]. فإننا نجد أن الجواب (إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ) جملة اسمية منسوخة ، ولم تقترن بالفاء ؛ ذلك لأن فى التركيب قسما مقدرا ، والتقدير : ولئن أطعتموهم ، فاحتسب الجواب للقسم ـ على رأى جمهور النحاة ـ
ومثل ما سبق : (وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَتَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ) [الأعراف : ٢٣] ، حيث جملة الجواب (لنكونن) أكدت باللام والنون الثقيلة ؛ لاحتسابها جوابا للقسم المقدر ، حيث التقدير : ولئن لم تغفر.
ومثله قوله تعالى : (وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) [المائدة : ٧٣] ، والتقدير : ولئن لم ينتهوا ، فكانت جملة الجواب (ليمسّنّ) مؤكدة باللام والنون الثقيلة.
وأرى أن الجواب فى حال اجتماع الشرط والقسم يكون ـ معنويا ـ للشرط بخاصة ؛ لأن المتحدث يقسم على ارتباط معنى جملة الجواب بمعنى جملة الشرط ـ إن سلبا ، وإن إيجابا (٢) ، ويتضح ذلك مع حرفى الشرط (لو ولو لا) ؛ لأنهما يفيدان امتناعا فى الجواب ، وامتناع وقوع الجواب يتنافى مع مجموع ما يقسم عليه ، فإذا قلت : والله لو خرج محمد لخرجت ، فإن القسم لا يعنى الخروج المفهوم
__________________
(١) ديوان الهذليين ٣ ـ ٩٨ / شرح السكرى ٢ ـ ٥٧٧. أمم ـ قصد.
(٢) يرجع إلى : الجملة الشرطية عند الهذليين ، للمؤلف ، رسالة ماجستير. جامعة القاهرة ـ كلية الآداب ١٩٧٧.