ومثله قول معروف :
كونوا كمن واسى أخاه بنفسه |
|
نعيش جميعا أو نموت كلانا (١) |
حيث (نعيش) فعل مضارع مرفوع بعد الأمر (كونوا) ، فكأنه قال : كونوا هكذا إنا نعيش جميعا ...
ـ ويصحّ فى هذا التركيب أن يأتى معنى الجواب بعد النهى أمرا غير مستحبّ ، وحينئذ لا يكون جوابا للطلب ، ولا مبنيا عليه أو متعلقا به ، وإنما يكون معنى ابتدائيا مستأنفا ، فيرفع الفعل المضارع فيه ، حيث يجوز القول : لا تدن من الأسد يأكلك ، برفع (يأكل) ، وكأن الكلام : فيأكلك ، أو : فإنه يأكلك.
كما يجوز القول : لا تعص الله يدخلك النار ، أى : فيدخلك النار.
ملحوظات :
ـ قوله تعالى : (وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ) [المدثر : ٦] ، (تستكثر) فعل مضارع مرفوع بعد طلب فى نهى ، ولا يصحّ جزمه جوابا للنهى ، حتى لا يتناقض المعنى ، ورفعه على وجهين :
أولهما : أن الجملة (تستكثر) فى محل نصب ، حال ، وتقديره : ولا تمنن مستكثرا.
والآخر : رفع على حذف أن ، والتقدير : ولا تمنن أن تستكثر ، فلما حذفت (أن) ارتفع الفعل.
وفيه قراءة الجزم ، لكنه لا يوجه على أنه جواب للنهى ، وإنما يكون بدلا من المضارع المجزوم السابق (تمنن) ، أو على إجراء الوصل مجرى الوقف.
ـ قوله تعالى : (فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي الْبَحْرِ يَبَساً لا تَخافُ دَرَكاً وَلا تَخْشى) [طه : ٧٧] ، فيه الفعل المضارع (تخاف) مرفوع ، وهو بعد الطلب الأمرى (اضرب) ، ويوجّه الرفع لسببين :
أولهما : الرفع على الابتداء ، والتقدير : فإنك لا تخاف ..
والآخر : الجملة (لا تخاف) فى محل نصب على الحالية ، فيرفع فعلها ، والتقدير : غير خائف ولا خاش (٢).
__________________
(١) الكتاب ٣ ـ ٩٧.
(٢) ينظر : الكتاب ٣ ـ ٩٨.