سيبويه ، قال سيبويه (١) : ومنه قولهم في النسب إلى صنعاء صنعانيّ بالنون ، وكذلك قالوا في النسب إلى بهراء (٢) وهي قبيلة من قضاعة : بهرانيّ بالنون ، وإلى دستواء ـ مدينة ـ : دستوانيّ بالنون ، وقال أبو العباس المبرد : النون في قولهم : دستوانيّ وبهرانيّ وصنعانيّ بدل من الهمزة ، كما أنها في عطشان بدل من ألف التأنيث التي في عطشى ، وألف عطشى بمنزلة الألف الثانية التي في حمراء المبدل منها الهمزة لأنّه اجتمع ألفان ساكنان فأبدلت الثانية همزة ، لأنّها لو حذفت صار الممدود مقصورا ، فهذا الضرب كثير من النسب جدّا في كلامهم ، والعمل فيه على السماع ، وقد ذكر سيبويه أنّ قولهم في النسب إلى طيّئ (٣) : طائيّ من هذا النوع ، وعندي أنّه مع ما ذكر سيبويه فرّوا فيه لو نسب إليه على القياس من اجتماع أربع ياءات وهمزة ، لأنّ في طيّئ ياءين وهمزة ، وكانت تلحقه ياء النسب مثقلة وهي ياءان ، وكان السبيل أن يقال : طيّئيّ ، فتجتمع أربع ياءات وهمزة وكسرتان ، فاستثقلوا ذلك فصرفوه إلى المحدود عن بابه ، فحذفوا الياء الأولى من طيّئ وهي ساكنة ، فوجب قلب الثانية ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها ، فقيل : طائيّ ، فهذا قياسه.
وضرب منه يأتي على القياس ، كقولهم في النسب إلى بكر : بكريّ وإلى عليّ : علويّ وإلى فتى ورحى : فتويّ ورحويّ ، وما أشبه ذلك على شروطه ومقاييسه المذكورة في حدّ النسب.
وضرب منه يأتي على لفظ فعّال أو فاعل ، كقولهم لصاحب الجمال : جمّال ، ولصاحب الحمر حمّار ، ولذي الدّرع : دارع ولذي النّبل : نابل ولذي التّمر : تامر ولذي اللّبن : لابن ، وهو مسموع ينقل ويحفظ.
فأمّا القول في اشتقاق طيّئ فإني لا أحفظ فيه شيئا عن أصحابنا إلّا ابن قتيبة ذكر على ما أخبرنا عنه أبو القاسم الصائغ أنّ (٤) «نقلة الأخبار رووا أنّ طيّئا أول من طوى المناهل ، سمي بذلك وأنّ مرادا تمرّدت فسميت بذلك ، واسمها يحابر» قال : «ولا أرى كيف هذان الحرفان ، ولا أنا من هذا التأويل فيهما على يقين».
فأمّا اشتقاق مراد من التّمرّد فغير منكر لأنّ مرادا فعال من مرد فهو مارد وتمرّد فهو متمرّد ، واشتقاق مراد من التّمرّد غير بعيد ، وأمّا اشتقاق طيّئ من طويت فغير مستقيم ، لأنّ لام الفعل من طيّيء همزة ومن طويت ياء فهو خالف له وليس يجوز أن يكون طيّيء إلّا مشتقا ، والذي عندي فيه أنّ الطاءة الظلة ، وحروف فائها وعينها ولامها موافقة لحروف طيّئ ، فيشبه أن يكون فيعلا من ذلك.
__________________
(١ و ٢ و ٣) انظر الكتاب (٣ / ٣٦٨).
(٤) انظر الاشتقاق (ص ٣٩٨) ، وأدب الكتاب (ص ٦٤).