قال ابن الشجري : وأقول : إنّ هذا التأويل يمنع منه ثلاثة أشياء :
أحدها : أنّه قال : كلتاهما ، وكلتا موضوعة لمؤنثين ، والماء مذكر والتذكير أبدا يغلّب على التأنيث كتغليب القمر على الشمس في قول الفرزدق (١) : [الطويل]
[أخذنا بآفاق السماء عليكم] |
|
لنا قمراها والنّجوم الطّوالع |
أراد : لنا شمسها وقمرها ، وليس للماء اسم آخر مؤنث فيحمل على المعنى ، كما قالوا : «أتته كتابي فاحتقرها» لأنّ الكتاب في المعنى صحيفة وكما قال الشاعر : [السريع]
٤٢٧ ـ قامت تبكّيه على قبره |
|
من لي من بعدك يا عامر |
تركتني في الدّار ذا غربة |
|
قد ذلّ من ليس له ناصر |
كان الوجه أن يقول : ذات غربة ، وإنّما ذكّر لأنّ المرأة إنسان ، فحمل على المعنى.
والثاني : أنّه قال : أرخاهما للمفصل ، وأفعل هذا موضوع لمشتركين في معنى ، وأحدهما يزيد على الآخر في الوصف به ، كقولك : زيد أفضل الرّجلين ، فزيد والرجل المضموم إليه مشتركان في الفضل ، إلّا أنّ فضل زيد يزيد على فضل المقرون به ، والماء لا يشارك الخمر في إرخاء المفصل.
والثالث : أنّه قال في الحكاية : فالخمر عصير العنب ، وقول حسان : حلب العصير يمنع من هذا لأنّه إذا كان العصير الخمر والحلب هو الخمر فقد أضفت الخمر إلى نفسها ، والشيء لا يضاف إلى نفسه.
والقول في هذا عندي : أنّه أراد كلتا الخمرتين ، الصّرف والممزوجة حلب العني فناولني أشدهما إرخاء للمفصل.
قال ابن الشجري في المجلس الرابع والستين (٣) :
مسألة سئلت عنها : «المعلم والمعلمه زيد عمرا خير الناس إيّاه أنا» ، الجواب : أنّ المعلم مبتدأ والمعلمه معطوف عليه ، وهو يقتضي اسما فاعلا ويقتضي التعدي
__________________
(١) مرّ الشاهد رقم (٤٠٤).
٤٢٧ ـ البيتان بلا نسبة في أمالي المرتضى (١ / ٧١) ، والإنصاف (٢ / ٥٠٧) ، وسمط اللآلي (١ / ١٧٤) ، وشرح المفصّل (٥ / ١٠١) ، ولسان العرب (عمر).
(٢) انظر أمالي ابن الشجري (٢ / ٢٠٩).