العقد إلى ذكره أنثى منهم ، فقال : إحدى المحجورين ، فمنع من ذلك السهيلي وقال : قول الشاعر : [السريع]
٤٣٨ ـ [إنّي أتيحت لي يمانية] |
|
إحدى بني الحارث [من مذحج] |
هو كقول النابغة : [البسيط]
٤٣٩ ـ إحدى بليّ [وما هام الفؤاد بها |
|
إلا السّفاه وإلّا ذكرة حلما] |
وقول الآخر :
إحدى ذوي يمن |
|
... |
وليس في شيء منها شاهد لمن زعم أنّه يجوز إحدى المسلمين وأنت تعني مسلما ومسلمة أو إحدى المسلمين وأنت تعني مسلمة ومسلمين ، لأنّ الجمع الذي على حدّ التثنية هو بمنزلتها ، ولو جاز أن تقول في حمار وأتان : هذه إحدى الحمارين ، وما تقدّم من الأبيات إنما هو على حذف مضاف ، كما قال الله تعالى : (فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها) [الأنعام : ١٦٠] ، فأنّث لأنه أراد عشر حسنات ، ولو قال أيضا : هي أحد قريش أو أحد بليّ لم يمتنع ، وأمّا الذي لا بدّ فيه من لفظ أحد فما تقدّم من قوله : أحد المسلمين وأنت تعني مسلما ومسلمة ، وقولك : أحد المسلمين وأنت تعني كذلك ، وشاهد ذلك قوله عليه السّلام للمتلاعنين : «أحدكما كاذب فهل من تائب» (٣) ، ولو كانوا ثلاثة لقيل : أحدهم امرأة لأنّ لفظ التذكير قد شملهم ، فحكم الجزء إذا حكم الكلّ ، ولا سيما إذا كان ذلك الجزء لا يتكلّم به إلا مضافا والأصل في هذا النفي العام ، تقول : ما في الدار أحد ، فيقع على الذكر والأنثى ، وإنّما قالت العرب : أحد الثلاثة لأنك أردت معنى النفي ، كأنّ المعنى : لا أعيّن أحدا منهم دون آخر ، ويدلّ أيضا على ذلك أنّ تغليب المذكر على المؤنث وتغليب من يعقل على ما لا يعقل باب واحد ، وتغليب المذكر أقوى في القياس ، لأنّ لفظ المذكر أصل ثم يدخل عليه التأنيث ، وليس كذلك لفظ من يعقل ، وقد تعدّى تغليب من يعقل الجملة إلى جزئها ، قال الله تعالى : (فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ) [النور : ٤٥] لما كان جزءا من الجملة التي غلّب فيها من يعقل في قوله تعالى : «فمنهم» ، وإذا جاز هذا هنا فأحرى أن يجوز في أحد الأربعة أوجه :
أحدها : أنّ أحدا يقع على الذكر والأنثى ، لكونه في معى النفي كما تقدم في قولك : أحد الثلاثة.
__________________
٤٣٨ ـ الشاهد للعرجي في ديوانه (ص ١٧) ، والأغاني (١ / ٣٧٩) ، والخزانة (٢ / ٤٢٩).
٤٣٩ ـ الشاهد للنابغة الذبياني في ديوانه (ص ٦١) ، والدرر (٦ / ٢٠٠) ، وهمع الهوامع (٢ / ١٥٠).
(١) أخرجه البخاري في صحيحه (٤ / ص ١٧٧٢) ، والمستدرك على الصحيحين (٢ / ٢٢٠).