والآخر : أنّ تغليب المذكر أقوى من تغليب من يعقل ، لأنّ المذكر والمؤنث جنس واحد ، بل نوع واحد تميّز أحدهما بصفة عرضيّة ، ألا ترى أنّه لا يسبق إلى الوهم تحليل الخنزيرة الأنثى من ذكر في القرآن مذكرا؟ وما لا يعقل مخالف لجنس من يعقل.
والثالث : أنّ المضاف والمضاف إليه كالشيء الواحد.
والرابع : أنّ أحدا مع أنّه مضاف لا يستعمل منفصلا ، لا يقال : هذه المرأة إحدى ، ولا رجل أحد.
قال ابن خروف : «إحدى المحجورين» صحيح يعضده السّماع والقياس ، قال تعالى : (قالَتْ أُخْراهُمْ لِأُولاهُمْ) [الأعراف : ٣٨] ، فجمع بين تذكير وتأنيث في مضاف ومضاف إليه وهو بعضه وإحدى المحجورين أحرى لأنّ تأنيث الآية غير حقيقي ، ويشبهه قوله سبحانه : (هِيَ حَسْبُهُمْ) [التوبة : ٦٨] ، وقوله (١) : [البسيط]
[يا أيّها الراكب المزجي مطيّته |
|
سائل بني أسد] ما هذه الصّوت |
وقوله : [الرجز]
٤٤٠ ـ [أرمي عليها] وهي فرع أجمع
فذكّر بعض الجملة وأنّث بعضا ، وهما جميعا شيء واحد ، ومن ذلك قولهم :
أربعة بنين وثلاثة رجال ، فأنّثوا المضاف والمضاف إليه مذكر وقالوا في أربعة رجال وامرأة : خمسة ، فإذا أشاروا إلى المرأة قالوا : خامسة خمسة ، وممّا يدلّ عليه أنّا وجدنا العرب راعت المعنى المؤنث ولم تراع اللفظ المذكر في كثير من كلامها ، قال : [الطويل]
٤٤١ ـ [إذا ما جرى شأوين وابتلّ عطفه] |
|
تقول : هزيز الرّيح مرّت بأثأب |
وقوله (٤) : [الكامل]
__________________
(١) مرّ الشاهد رقم (١٢٩).
٤٤٠ ـ الرجز لحميد الأرقط في شرح شواهد الإيضاح (ص ٣٤١) ، والمقاصد النحوية (٤ / ٥٠٤) ، وشرح التصريح (٢ / ٢٨٦) ، وبلا نسبة في ديوان الأدب (١ / ١١٨) ، وإصلاح المنطق (ص ٣١٠) ، وأوضح المسالك (٤ / ٢٨٦) ، وخزانة الأدب (١ / ٢١٤) ، والمخصص (١ / ١٦٧) ، ومقاييس اللغة (١ / ٢٦) ، وشرح عمدة الحافظ (ص ٥٧٦) ، والخصائص (٢ / ٣٠٧) ، والأزهيّة (ص ٢٧٦).
٤٤١ ـ الشاهد لامرئ القيس في ديوانه (ص ٤٩) ، وشرح التصريح (١ / ٢٦٢) ، ولسان العرب (هزز) ، والمقاصد النحوية (٢ / ٤٣١) ، وبلا نسبة في أوضح المسالك (٢ / ٧١).
(٢) مرّ الشاهد رقم (١٣٤).