[لما أتى خبر الزبير] تواضعت |
|
سور المدينة [والجبال الخشّع] |
ومثله كثير ، فهذا ونحوه روعي فيه المعنى ، فهو أشدّ ممّا نحن بصدده ، وإحدى بليّ وأمثاله لا يحتاج فيه إلى حذف مضاف كما زعم السهيلي ، لكن لمّا كانت قبائل تجمع الذكور والإناث جاز ذلك فيها ، وإجازته «هي أحد قريش» و «هي أحد بليّ» عطف ولو قيل أحد المحجورين على قوله سبحانه : (لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّساءِ) [الأحزاب : ٣٢] لم يجز لأنه في الآية الكريمة بعد النفي ، والمراد به نفي العموم ثم بيّن بقوله : «من النساء» ، وأمّا استشهاده بقوله في المتلاعنين : «أحدهما كاذب» فغفلة ، لأن المقصد هنا أحدهما لا بعينه ، ولو عنى المؤنث لأنّث ، فهو كقوله سبحانه : (إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُما أَوْ كِلاهُما) [الإسراء : ٢٣] ، ومنع من إفراد أحد وإحدى وقد قال سبحانه : (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) [الإخلاص : ١] وقالوا : أحد وعشرون وإحدى وعشرون ، وقوله : «لا يسبق إلى وهم أحد تحليل الخنزيرة الأنثى» قد ذهب إلى ذلك طوائف من أهل الفساد ، ولم يدلّ عندنا على تحريمها إلّا فحوى الخطاب وكون الألف واللام للجنس.
قال السهيليّ : لا دليل في قوله سبحانه : (قالَتْ أُخْراهُمْ لِأُولاهُمْ) لأنّه لم يجتمع في الآية مؤنث ومذكر فغلّب المذكر ، يعني أنّ آحاد الأمم مؤنثات من حيث الأمم جمع أمة ، وليس في جمع أمة على أمم نقل مؤنث إلى مذكر ، ولكنّ هذا هو باب جمع هذا المؤنث ، فإذا قلت أخراهم فلم ينقص كما فعلته في إحدى المحجورين ، لأنك في إحدى المحجورين نقلت مؤنثا إلى مذكر ، وجعلت محجورة محجورا كأنّه شيء محجور ، فإذا فعلت ذلك فواجب عليك أن تقول أحد من حيث قلت فيه محجور ، وقد يتعقب هذا بأنّ ضميرهم ضمير مذكرين نساء ورجالا بلا شك ، فوجب الجمع بين إحدى المحجورين وبين أخراهم أنّ لفظ هم لم يستعمل حتى صيّر من كان ينبغي أن يقال فيه هي يقال فيه هو كما نقلت محجورة إلى محجور فانظره ، وأيضا فإنّ أولى وأخرى قد تستعملان منفصلتين بخلاف إحدى ، وقوله سبحانه : (هِيَ حَسْبُهُمْ) وقول الشاعر (١) :
وهي فرع أجمع
لا دليل فيهما ، وليسا في شيء ممّا نحن بصدده ، بل يشبهان قولك : هي أحد المسلمين ، فإنّا نقول هي ثم نقول أحد ، وقوله سبحانه : (هِيَ حَسْبُهُمْ) كقولك : امرأة عدل ، وقوله : «وهي فرع» كقولك للمرأة إنسان ، وأمّا قوله : «ما هذه الصوت»
__________________
(١) مرّ الشاهد رقم (٤٤٠).