النسبة والقرابة دخلت الهاء ، تقول في الأول : كانت فلانة قريبا مني ، وفي الثاني : قريبتي ، قال : وهذا كله تصرّف في كلام الله تعالى بمجرّد الظن ، وهلّا كانوا كالأصمعي ، فإنه أعلم المتأخرين بكلام العرب ، وكان إذا سئل عن شيء من كلام الله تعالى سكت ، وقال : لو أنّه غير كلام الله تعالى تكلمت فيه ، والقرآن إنّما يفهم من تحقيق كلام العرب وتتبّع أشعارهم ، فقد كان عكرمة وهو تلميذ ابن عباس إذا سئل عن شيء من مشكل القرآن يفسره ويستدل عليه ببيت من شعر العرب ، ثم يقول : الشعر ديوان العرب.
والجوابّ الحق : أن القريب على وزن فعيل ، والفعيل والفعول يستوي فيهما المذكر والمؤنث حقيقيا كان أو غير حقيقي ، قال امرؤ القيس : [المتقارب]
٤٤٢ ـ برهرهة رؤدة رخصة |
|
كخرعوبة البانة المنفطر |
فتور القيام قطيع الكلا |
|
م تفترّ عن ذي غروب خصر |
وقال في لفظ القريب : [الطويل]
٤٤٣ ـ له الويل إن أمسى ولا أمّ هاشم |
|
قريب ولا البسباسة بنة يشكرا |
وقال جرير : [الوافر]
٤٤٤ ـ أتنفعك الحياة وأمّ عمرو |
|
قريب لا تزور ولا تزار |
وأغرب من ذا أنّ لفظة واحدة قد اجتمع فيها التأنيث الحقيقي وغير الحقيقي ، وهي لفظة (هنّ) ، ومع ذلك حمل عليها فعيل بلا هاء ، وهي في قول جميل : [الطويل]
٤٤٥ ـ كأن لم نحارب يا بثين لو انّها |
|
تكشّف غمّاها وأنت صديق |
وقال جرير : [الطويل]
٤٤٦ ـ دعون النّوى ثم ارتمين قلوبنا |
|
بأسهم أعداء وهنّ صديق |
__________________
٤٤٢ ـ البيتان في ديوانه (ص ١٥٧) ، والبيت الأول له في لسان العرب (خرعب) و (بون) و (بره) ، وتهذيب اللغة (٣ / ٢٧٥) ، والمخصص (١٠ / ٢١٤) ، وديوان الأدب (٢ / ٨٧) ، وتاج العروس (خرعب) و (بون) و (بره) ، وبلا نسبة في مقاييس اللغة.
٤٤٣ ـ الشاهد لامرئ القيس في ديوانه (ص ٦٨) ، ولسان العرب (قرب).
٤٤٤ ـ الشاهد لجرير في ديوانه (ص ١٣٤).
٤٤٥ ـ الشاهد لجميل بثينة في ديوانه (ص ١٤٤) ، ولسان العرب (صدق) ، والأغاني (٨ / ١٢٤) ، والحماسة الشجرية (١ / ٥١٢) ، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي (ص ١٣٤٧) ، والكامل (ص ٩٦).
٤٤٦ ـ الشاهد لجرير في ديوانه (ص ٣٧٢) ، ولسان العرب (صدق) ، ولذي الرمة في ملحق ديوانه (ص ١٨٩٣) ، والحماسة البصرية (٢ / ١٧٧) ، وبلا نسبة في تخليص الشواهد (ص ١٨٤) ، والخصائص (٢ / ٤١٢).