٤٥٤ ـ إنّ الخليط أجدّوا البين فانجردوا |
|
وأخلفوك عد الأمر الّذي وعدوا |
وعلى هذه اللغة قرأ بعض القراء : (وَلَوْ أَرادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً) [التوبة : ٤٦] أراد عدته.
الثالث : أن يكون فعيل في قوله : قطيع الكلام بمعنى مفعول لأنّ صاحب المحكم حكى أنه يقال : «قطعه وأقطعه إذا بكّته وقطع هو وقطع فهو قطيع القول» ، فقطيع على هذا بمعنى مقطوع أي : مبكّت ، فحذف التاء على هذا التوجيه ليس مخالفا للقياس ، وإن جعل «قطيع» مبنيا على قطع كسريع من سرع فحقه على ذلك أن تلحقه التاء عند جريه على المؤنث ، إلّا أنّه شبّه بفعيل الذي بمعنى مفعول فأجري مجراه والله أعلم.
فأجاب الشيخ مجد الدين وقال : حقّ على من مارس شيئا من العلم إذا سئل عن مشكلاته أن يتجنّب في جوابه الإيجاز المخلّ والتطويل الممل ، ويتوقى الزوائد التي لا يحتاج إليها ، فإنّ العالم من إذا سئل عن عويص أوضحه بأوجز بيان من غير زيادة ولا نقصان ، وقد سئل العبد الضعيف عبد المجيد بن أبي الفرج الرّوذراوري عن هذه الآية بناء على استغراب من قصر في إتقان كلام العرب باعه ، فاستبعد حمل المذكر على المؤنث فكان جوابه أنّ القرآن المجيد عربيّ ، وإذا أطلق فصحاء العرب لفظ القريب على المؤنث الحقيقي فكيف لا يسوغ إطلاقه على غير الحقيقي؟ قال امرؤ القيس (٢) : [الطويل]
له الويل إن أمسى [ولا أمّ هاشم |
|
قريب ولا البسباسة بنة يشكرا] |
وقال جرير (٣) : [الوافر]
أتنفعك الحياة [وأم عمرو |
|
قريب لا تزور ولا تزار] |
ومع هذه الحجة الواضحة لا حاجة إلى التأويلات والتعسفات ، وقد كتب في ذلك بعض النحاة المشهورين العصريين هذه الأوراق المتقدمة وذكر فيها ما تقتضيه
__________________
٤٥٤ ـ الشاهد للفضل بن عباس في شرح التصريح (٢ / ٣٩٦) ، وشرح شواهد الشافية (ص ٦٤) ، ولسان العرب (غلب) ، و (خلط) ، والمقاصد النحوية (٤ / ٥٧٢) ، وبلا نسبة في أوضح المسالك (٤ / ٤٠٧) ، والخصائص (٣ / ١٧١) ، وشرح الأشموني (٢ / ٣٠٤) ، وشرح عمدة الحافظ (ص ٤٨٦) ، ولسان العرب (وعد) ، و (خلط).
(٢) مرّ الشاهد رقم (٤٤٣).
(٣) مرّ الشاهد رقم (٤٤٤).