يكون فعيل بمعنى فاعل أو مفعول ، وكذب الخاص لا يوجب كذب العام ، فالوجهان الآخران اللذان ذكرهما آنفا بتقدير صحتهما لا يقدحان في استدلالنا ، وقوله : «إن كان سرع فإنما يحذف منه التاء تشبيها له بفعيل الذي في معنى مفعول» مدخول ، لأن هذا مشتق من اللازم وذاك من المتعدي ، وقوله فيما كتب «لأجل» صوابه أن يقول : من أجل ، قال الله تعالى : (مِنْ أَجْلِ ذلِكَ) [المائدة : ٣٢] ، وقال الشاعر : [الوافر]
٤٦١ ـ من اجلك يا الّتي تيّمت حبّي |
|
[وأنت بخيلة بالودّ عنّي] |
وقال آخر : [الطويل]
٤٦٢ ـ عليهم وقار الحلم من أجل أنّني |
|
به أتغنّى باسمها غير معجم |
وقوله : «إن قصد به المبالغة» ليس بصحيح ، فإن «قصد» لا يعدّى بنفسه بل باللام وإلى ، قال جرير : [الكامل]
٤٦٣ ـ إنّ القصائد يا أخيطل فاعترف |
|
قصدت إليك مجرّة الأرسان |
وقال آخر : [الوافر]
٤٦٤ ـ وأوقد للضّيوف النّار حتّى |
|
أفوز بهم إذا قصدوا لناري |
ونقله رغوثة غير موثوق به ولا بدّ له من شاهد ، قال الراعي النميري : [ ]
٤٦٥ ـ فجاءت إلينا والدّجى مدلهمّة |
|
رغوث شتاء قد تترّب عودها |
آخر ذلك.
وإذ وصلنا إلى هنا فلنتمم الفائدة ، فإن الشيخ جمال الدين بن هشام ألف في هذه القضية رسالة فلنسقها ، قال رحمه الله تعالى :
قال الله تعالى : (إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) [الأعراف : ٥٦] ، في هذه الآية الكريمة سؤال مشهور ، الأدب في إيراده وإيراد أمثاله أن يقال : ما الحكمة في كذا؟ تأدبا مع كتاب الله تعالى ، فيقال : ما الحكمة في تذكير قريب مع أنّه صفة
__________________
٤٦١ ـ الشاهد بلا نسبة في الكتاب (٢ / ١٩٨) ، وأسرار العربية (ص ٢٣٠) ، والجنى الداني (ص ٢٤٥) ، وخزانة الأدب (٢ / ٢٩٣) ، والدرر (٣ / ٣١) ، وشرح عمدة الحافظ (ص ٢٩٩) ، وشرح المفصّل (٢ / ٨) ، واللامات (ص ٥٣) ، ولسان العرب (لتا) ، والمقتضب (٤ / ٢٤١) ، وهمع الهوامع (١ / ١٧٤).
٤٦٢ ـ الشاهد لذي الرّمة في ديوانه (ص ٧٠٦) ، وحجاز القرآن (٢ / ٩١) ، والكامل (١ / ٢٩٥).
٤٦٣ ـ الشاهد لجرير في ديوانه (ص ١٠١٣).
٤٦٥ ـ الشاهد للراعي النميري في شرح ديوان الحماسة للتبريزي (٣ / ١٦١) ، وهو ليس في ديوانه.