قامت تبكّيه على قبره |
|
من لي من بعدك يا عامر |
تركتني في الدّار ذا غربة |
|
قد ذلّ من ليس له ناصر |
أي : تركتني في الدار شخصا ذا غربة ، وعلى ذلك يخرج سيبويه قولهم : «امرأة حائض» (١) ، أي : شخص ذو حيض ، وقول الشاعر أيضا (٢) : [الطويل]
فلو أنك في يوم الرّخاء سألتني |
|
طلاقك لم أبخل وأنت صديق |
أي : وأنت شخص صديق ، وهذا القول في الضعف كالذي قبله ، بل هو أشدّ منه ضعفا ، لأنّ تذكير صفة المؤنث باعتبار إجرائها على موصوف مذكر محذوف شاذ ينزّه كتاب الله عنه ، ثم الأصل عدم الحذف.
الرابع : أنّ العرب تعطي المضاف حكم المضاف إليه في التذكير والتأنيث إذا صحّ الاستغناء عنه ، فمثال إعطائه حكمه في التأنيث قولهم : «قطعت بعض أصابعه» فأعطوا البعض حكم الجمع المضاف إليه في التأنيث ، ومنه القراءة الشاذة : تلتقطه بعض السيارة [يوسف : ١٠] ، ومثال إعطائه حكمه في التذكير قوله : [البسيط]
٤٦٦ ـ إنارة العقل مكسوف بطوع هوى |
|
[وعقل عاصي الهوى يزداد تنويرا] |
ومنه الآية الكريمة. انتهى. وهذا الوجه قال فيه أبو علي الفارسي في تعاليقه على كتاب سيبويه ما نصه : «هذا التقدير والتأويل في القرآن بعيد فاسد ، إنما يجوز هذا في ضرورة الشعر».
الخامس : أنّ فعيلا بمعنى مفعول يستوي فيه المذكر والمؤنث ، كرجل جريح وامرأة جريح ، نقل هذا الوجه أبو البقاء في إعرابه (٤) ، وأقرّ قائله عليه ، وهو خطأ فاحش ، لأنّ فعيلا هنا ليس بمعنى مفعول.
السادس : أنّ فعيلا بمعنى فاعل قد يشبّه بفعيل بمعنى مفعول ، فيمنع من التاء في المؤنث ، كما قد يشبهون فعيلا بمعنى مفعول بفعيل بمعنى فاعل فيلحقونه التاء ، فالأول كقوله سبحانه : (قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ) [يس : ٧٨] ،
__________________
(١) انظر الكتاب (٣ / ٤٢٣).
(٢) مرّ الشاهد رقم (٤٥٠).
٤٦٦ ـ الشاهد لبعض المولّدين في المقاصد النحوية (٣ / ٣٩٦) ، وبلا نسبة في أوضح المسالك (٣ / ١٠٥) ، وخزانة الأدب (٤ / ٢٢٧) ، وشرح الأشموني (٢ / ٣١٠) ، وشرح التصريح (٢ / ٣٢) ، ومغني اللبيب (٢ / ٥١٢).
(٣) انظر إملاء ما منّ به الرحمن (١ / ٢٧٦).