٥٢١ ـ فأصبحوا والنّوى عالي معرّسهم |
|
وليس كلّ النّوى يلقي المساكين |
وقول هشام (٢) : [البسيط]
هي الشّفاء لدائي لو ظفرت بها |
|
وليس منها شفاء الدّاء مبذول |
والوجه والحدّ فيه أن تحمله على أنّ في ليس إضمارا ، وهذا مبتدأ كقوله : إنّه أمة الله ذاهبة ، إلّا أنّهم زعموا أنّ بعضهم قال : ليس الطّيب إلّا المسك ، وما كان الطيب إلّا المسك» إلى هذا انتهى كلام سيبويه ، فأحلت عبارته عن الصواب فقلت : قال سيبويه : لغة في ليس إنها لا تعمل فبدأت بنكرة في اللفظ لم تأت لها بخبر ، وزدت في كلامه أنّها لا تعمل ، ولم يذكر سيبويه ذلك ، ولا يصحّ أن يذكره ، لأنه لم يقطع بكونها غير عاملة ، ثم قلت عنه : وإنها مثل ما في لغة بني تميم ، فزدت ما لم يذكره ، وكيف يجعلها مثل ما التميمية التي قد حصل القطع بإبطال عملها ، وهو يقول بعد ذلك : والوجه أن يكون فيها إضمار الشأن؟ ثم قلت عنها أيضا : وهذا لا يعرف ، فأسقطت يكاد ، وبإسقاطها يتناقض الكلام ، لأنّ سيبويه قد ثبت عنده معرفة هذا ، وهو قولهم : ليس الطّيب إلّا المسك ، بدليل قوله : إنه يجوز أن يكون عليه قولهم : ليس خلق الله أشعر منه ، وصحّ ذلك بما حكاه الأصمعي وأبو حاتم عن أبي عمرو به العلاء ، قال : ليس في الأرض حجازيّ إلّا وهو ينصب ولا تميميّ إلّا وهو يرفع ، وساق المجلس السابق بين أبي عمرو وعيسى بن عمر ، ثم قال : فقد ثبت من هذه الحكاية أنّ قولهم : ليس الطّيب إلّا المسك بالرفع معروف في كلام العرب ، فلا يصح إذا أن يكون كلام سيبويه إلّا بزيادة يكاد ، وقلت عند فراغك من حكاية كلام سيبويه بزعمك : ثم قال السيرافي : والصحيح أنّ اسمها شأن وحديث في موضع رفع ، والطّيب مبتدأ والمسك خبره ، وقيل له : هذا باطل فإن «إلّا» الناقضة خبر إذ قد جاءت بين المبتدأ والخبر في الجلة الإثباتية ، واعتذر السيرافي بأن قال : إلّا أنّها على الجملة قد تقدّمها نفي ، فإذا بك فيما حكيته عن السيرافي أيضا قد مسخت ما نسخت وغيّرت ما عنه عبّرت ، وذلك أنّ نصّ كلام السيرافي في هذه المسألة هو ذا : «وقد احتجوا بشيء آخر هو أقوى من الأوّل ، وهو قول بعض العرب : ليس الطّيب إلّا
__________________
٥٢١ ـ الشاهد لحميد بن ثور في الأزمنة والأمكنة (٢ / ٣١٧) ، وأمالي ابن الحاجب (ص ٦٥٦) ، وتخليص الشواهد (ص ١٨٧) ، والمقاصد النحوية (٢ / ٨٢) ، وليس في ديوانه ، وبلا نسبة في خزانة الأدب (٩ / ٢٧٠) ، وشرح أبيات سيبويه (١ / ١٧٥) ، وشرح الأشموني (١ / ١١٧) ، وشرح المفصّل (٧ / ١٠٤) ، والمقتضب (٤ / ١٠٠) ، ولحميد الأرقط في الكتاب (١ / ١١٧).
(١) مرّ الشاهد رقم (٣٩٤).