من أحد أو من صغيره ، و «على» في البيت للمعيّة ، مثلها في قوله تعالى : (وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلى ظُلْمِهِمْ) [الرعد : ٦] ، (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ) [إبراهيم : ٣٩] ، وانتصاب «فضلا» على وجهين محكيّين عن الفارسي :
الأول : أن يكون مصدرا لفعل محذوف ، وذلك الفعل نعت للنكرة.
الثاني : أن يكون حالا من معمول الفعل المذكور ، هذا خلاصة ما نقل عنه ويحتاج إلى بسط يوضحه اعلم أنّه يقال : فضل عنه وعليه بمعنى زاد ، فإن قدّرته مصدرا فالتقدير : لا يملك درهما يفضل فضلا عن دينار ، وذلك الفعل المحذوف صفة ل : «درهما» ، كذا حكي عن الفارسي ، ولا يتعيّن كون الفعل صفة ، بل يجوز أن يكون حالا ، كما جاز في «فضلا» أن يكون حالا على ما سيأتي تقريره ، نعم ، وجه الصفة أقوى لأنّ نعت النكرة كيف كانت أقيس من مجيء الحال منها ، وإن قدّرته حالا فصاحبها يحتمل وجهين :
الأول : أن يكون ضميرا لمصدر محذوف ، أي : لا يملكه ، أي : لا يملك الملك على حدّ قوله : [البسيط]
٥٣٩ ـ هذا سراقة للقرآن يدرسه |
|
[والمرء عند الرّشا إن يلقها ذيب] |
أي : يدرس الدرس ، إذ ليس الضمير للقرآن ، لأنّ اللام متعلقة بيدرس ، ولا يتعدّى الفعل إلى ضمير اسم وإلى ظاهره جميعا ، ولهذا وجب في «زيدا ضربته» تقدير عامل على الأصح ، وعلى هذا خرج سيبويه والمحققون نحو قوله : ساروا سريعا ، أي : ساروه ، أي : ساروا السير سريعا ، وليس «سريعا» عندهم نعتا لمصدر محذوف لالتزام العرب تنكيره ، ولأن الموصوف لا يحذف إلّا إن كانت الصفة مختصة بجنسه ، كما في «رأيت كاتبا» أو حاسبا أو مهندسا ، فإنّها مختصة بجنس الإنسان ، ولا يجوز : «رأيت طويلا» ولا «رأيت أحمر» ، وفي هذا الموضع بحث ليس هذا موضعه.
الثاني : أن يكون قوله : درهما حالا ، فإن قلت : كيف جاز مجيء الحال من النكرة؟ قلت : أما على قول سيبويه فلا إشكال ، لأنه يجوز عنده مجيء الحال من
__________________
٥٣٩ ـ الشاهد بلا نسبة في الكتاب (٣ / ٧٦) ، وخزانة الأدب (٢ / ٣) ، والدرر (٤ / ١٧١) ، ورصف المباني (ص ٢٤٧) ، وشرح التصريح (١ / ٣٢٦) ، وشرح شواهد المغني (ص ٥٨٧) ، ولسان العرب (سرق) ، والمقرّب (١ / ١١٥) ، وهمع الهوامع (٢ / ٣٣).