النكرة ، وإن لم يمكن الابتداء بها ، ومن أمثلته (١) : «فيها رجل قائما» ، ومن كلامهم (٢) : «عليه مائة بيضا» ، وفي الحديث : «وصلّى وراءه رجال قياما» (٣) ، وأمّا على المشهور من أنّ الحال لا تأتي من النكرة إلا بمسوّغ فلها مسوّغان :
الأول : كونها في سياق النفي ، والنفي يخرج النكرة من حيّز الإبهام إلى حيّز العموم ، فيجوز حينئذ الإخبار عنها ومجيء الحال منها.
الثاني : ضعف الوصف ، ومتى امتنع الوصف بالحال أو ضعف ساغ مجيئها من النكرة ، فالأول كقوله تعالى : (أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ وَهِيَ خاوِيَةٌ) [البقرة : ٢٥٩] ، وقول الشاعر : [الطويل]
٥٤٠ ـ مضى زمن والناس يستشفعون بي |
|
[فهل لي إلى ليلى الغداة شفيع] |
فإن الجملة المقرونة بالواو لا تكون صفة خلافا للزمخشري ، وقولك : «هذا خاتم حديدا» عند من أعربه حالا ، لأنّ الجامد المحض لا يوصف به ، والثاني كقولهم (٥) : «مررت بماء قعدة رجل» ، فإنّ الوصف بالمصدر خارج عن القياس.
فإن قلت : هلّا أجاز الفارسي في «فضلا» كونه صفة ل «درهما» ، قلت : زعم أبو حيان أن ذلك لا يجوز ، لأنه لا يوصف بالمصدر إلا إذا أريدت المبالغة لكثرة وقوع ذلك الحدث من صاحبه ، وليس ذلك بمراد هنا.
قال : وأمّا القول بأنه يوصف بالمصدر على تأويله بالمشتق أو على تقدير المضاف فليس قول المحققين.
قلت : هذا كلام عجيب ، فإنّ القائل بالتأويل الكوفيون ، فيؤوّلون عدلا بعادل ، ورضى بمرضيّ ، وكذا يقولون في نظائرهما ، والقائل بالتقدير البصريون ، يقولون : التقدير : ذو عدل وذو رضى ، وإذا كان كذلك فمن المحققون؟ ثم اختلف النقل عن الفريقين ، والمشهور أنّ الخلاف مطلق ، وقال ابن عصفور : «وهو الظاهر ، إنما
__________________
(١) انظر الكتاب (٢ / ٤٨).
(٢) انظر الكتاب (٢ / ١٠٩).
(٣) انظر جامع الأصول لابن الأثير الجزري (٥ / ٦٢٤).
٥٤٠ ـ الشاهد للمجنون في ديوانه (ص ١٥١) ، والدرر (٤ / ٧) ، وسمط اللآلي (ص ١٣٣) ، وشرح شواهد المغني (٢ / ٨٤١) ، وبلا نسبة في مغني اللبيب (٢ / ٤٣٢) ، وهمع الهوامع (١ / ٢٤٠).
(٤) انظر الكتاب (٢ / ١١٠).