وصفه ، ألا ترى أنّ في عكسه يكون الخبر «كلمتان»؟ ومن البيّن أن ليس متعلق الفرض الإخبار من النبي صلّى الله عليه وسلّم عن سبحان الله إلخ ... بأنّهما كلمتان ، بل بملاحظة وصفه ، أعني : خفيفتان ثقيلتان حبيبتان فكان اعتبار سبحان الله إلخ ... خبرا أولى ، فهو مثال : «هجّيرى أبي بكر لا إله إلّا الله» ، ونحوه ممّا أوردوه مثالا للإخبار بالجملة التي أريد لفظها.
وأمّا منع كونه خبرا أو مبتدأ بسبب لزوم نصب «سبحان الله» فإنّما يصدر ممّن لم يفهم معنى قولنا : إنما أريد بالجملة لفظها ، وعلامة إعراب الخبر في مثله وهو الرفع في محله ، فالحاصل أنّ كلّا من حيث العربية يجوز ، وأما من حيث الأولويّة بالنظر إلى المعنى فكلمتان مبتدأ مسوّغ بالأوصاف المختصة ، ولفظ «سبحان الله» وما بعده خبره ، وأمّا جعل «سبحان الله» معرفة فإن أراد به حال كونه مرادا به معناه فصحيح ، وتعريفه بالإضافة ، وهو ما كان المتكلم ذاكرا مسبّحا ، وإن أراد به حال كونه أريد به مجرّد لفظه على معنى أنّ الكلمتين الموصوفتين بتعلق حبّ الله تعالى بهما هاتان اللّفظتان اللّتان هما سبحان الله صادرتين من مريد معناهما وهو تنزيه الله تعالى فلا ، فإنّ أنواع المعارف محصورة وليس هو منها ، إذ لم يرد على هذا التقدير معنى الإضافة ولا خصوص النسبة التي باعتبارها يحصل التعريف ، فإن ادّعي أنه من قبيل العلم بناء على أنّ كل لفظ وضع ليدل على نفسه كما وضع ليدل على غيره كما ذكر ابن الحاجب فليعلم أنّه على تقدير صحة هذه الدعوى لم يعط لهذا الوضع حكم الوضع للدّلالة على غيره ، ولذا لم يقل أحد بأنّ كل لفظ مشترك وهو لازم من جعل كل لفظ وضع ليدل على نفسه كما وضع ليدل على غيره ، فعلم أنّ إعطاء اسم المعرفة والنكرة والمشترك وسائر الألقاب الاصطلاحية باعتبار الوضع للدلالة على غيره ، والله سبحانه وتعالى أعلم.
ثم دفعت الورقة للمرأة ، ثم بعد أن مضى على هذا نحو من خمسة أشهر سمعت أنّ بعض الإخوان ذهب بجوابي هذا مقترنا بثلاثة أجوبة لأهل العصر مخالفة لجوابي ، وجواب رابع للذاهب إلى بعض ملوك الدنيا لما كان من أهل العلم والفهم في الاصطلاحات ليوقف على خطأ المخطئ وإصابة المصيب ، وحاصل ذلك اتفاقهم على أنّ الوجه الذي رجّحته جعلوه متعينا بناء على أنّ محط الفائدة يتعيّن أن يكون «سبحان الله وبحمده» إلى آخره ، ومنهم من ذكر أوجها لإبطال قلبه :
منها : أنّ «سبحان الله» لزم الإضافة إلى مفرد ، فجرى مجرى الظروف ، والظرف لا يقع إلّا خبرا ، ولأنّه ملزوم النصب ، ولأنّه مركب من معطوف ومعطوف عليه ، وهذه