قال ياقوت (١) : حدّث أبو جعفر الجرجاني قال : قال لنا أبو الحسين المهلّبيّ النحوي : وقع بيني وبين المتنبي في قول العدانيّ : [البسيط]
٥٦٥ ـ يا عمرو إلّا تدع شتمي ومنقصتي |
|
أضربك حتّى تقول الهامة اسقوني |
وذلك أنّ المتنبي قال : إنّ الناس يخلطون في هذا البيت ، والصواب : اشقوني من شقأت رأسه بالمشقاء وهو المشط ، قال المهلّبي : فقلت له : أخطأت من وجوه ، أحدها : أنّه لم يرو كذلك ، والآخر : أنّه يقال : شقأت بالهمز ، وأيضا فإني أظنّك لا تعرف الخبر فيه وما كانت العرب تقوله في الهامة ، إنّها إذا لم يثأر بصاحبها لا تزال تقول : اسقوني اسقوني ، فإذا ثأروا به سكن كأنّه شرب ذلك الدّم.
قال ياقوت : قال أبو عمر الخلال : أنفذني الصّيدلانيّ أبو عبد الرحمن المعتزليّ غلام أبي عليّ الجبّائيّ إلى أبي الحسن الرّامهرمزيّ وقال لي : قل له : إنّي قرأت البارحة في كتاب شيخنا أبي عليّ في تفسير القرآن في قوله تعالى : (وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا) [الأنعام : ١١٢] ، أي : بيّنّا لكلّ نبيّ عدوّه ، فجعل بمعنى بيّن ، ولست أعرف هذا في اللغة ، واحفظ جوابه وجئني به ، فجئت إلى أبي الحسن فأخبرته بذلك فقال : نعم ، هذا معروف في لغة العرب ، وقد قال العديني العنسي بالنون : [الطويل]
٥٦٦ ـ جعلنا لهم نهج الطّريق فأصبحوا |
|
على ثبت من أمرهم حيث يمّموا |
فعدت إلى أبي عبد الرحمن فعرّفته ذلك.
قال ياقوت (٣) : حدّث المرزبانيّ عن الأحمر النّحويّ قال : دخل أبو يوسف القاضي أو محمد بن الحسن علي الرشيد وعنده الكسائيّ يحدّثه ، فقال : يا أمير المؤمنين قد سعد بك هذا الكوفيّ وشغلك ، فقال الرشيد : النحو يستفزعني لأنّي أستدلّ به على القرآن والشعر ، فقال : إنّ علم النحو إذا بلغ فيه الرجل الغاية صار معلّما ، والفقه إذا عرف فيه الرجل جملة أو صدرا صار قاضيا ، فقال الكسائيّ : أنا أفضل منك لأنّي أحسن ما تحسن وأحسن ما لا تحسن ، ثم التفت إلى الرشيد وقال : إن رأى أمير المؤمنين أن يأذن له في جوابي عن مسألة من الفقه ، فضحك الرشيد
__________________
(١) انظر معجم الأدباء (١٢ / ٢٢٥).
٥٦٥ ـ الشاهد لذي الإصبع العدواني في ديوانه (ص ٩٢) ، ولسان العرب (هوم) ، وتهذيب اللغة (٦ / ٤٧) ، والمخصص (١٣ / ١٨٣) ، وتاج العروس (هيم) ، وجمهرة اللغة (ص ١١٠٠) ، والمعاني الكبير (ص ٩٧٧) ، والشعر والشعراء (ص ٧١٢) ، وسمط اللآلي (ص ٢٨٩) ، والكامل (ص ٤٨١) ، والمؤتلف والمختلف (ص ١١٨).
(٢) انظر معجم الأدباء (١٣ / ١٧٥).