إذ هو مشغول بتنوين التمكين الذي هو من أصله ، فلا يحمل تنوينه على غيره ، فجاؤوا بإذا تعيينا للمضيّ الذي يحرزه ، وتحصيلا للدّلالة على المحذوف بالتنوين الذي يقبله.
فقالوا : حينئذ ، أي : حين كان ذلك. ولهذا قلّما يوجد في كلام العرب (إذ) هذه المتصلة بالزمان مضافة غير منونة ، لكن هذه لا تخلص من دعوى زيادة الحين لأنّ إذ تغني عنه ، لأنّها تخلص للزمان ومضيّه كما اكتفي بها في البيت المتقدّم.[الوافر]
٣٦٣ ـ سراة بني أبي بكر تساموا |
|
على ـ كان ـ المسوّمة العراب |
فزاد (كان) بين الحرف ومجروره ، وكقولهم : ما أصبح أبردها! وما أمسى أدفأ العشية! وكذلك ما كان أحسن زيدا! فكان زائدة في اللفظ ومحرزة لمعنى المضيّ.
ما شكل أفعال يرى جمعا ولم |
|
يصرف ، ولم يشركه في ذا ثان؟ |
يعني : أشياء جمع شيء من جهة المعنى ، وهو في ظاهر أمره على شكل أفعال جمع ، فعل ، كفيء وأفياء وحيّ وأحياء ، فكان القياس صرفه كنظائره. لكنّه لم يصرف. قال الله تعالى : (لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ) [المائدة : ١٠٤] ولم يشركه في هذا شيء ممّا هو من بابه.
ثم اختلف النحاة في وجهه : فهو فعلاء مقلوبا عند أهل البصرة أصله (شيئاء) فقدّمت الهمزة ، وأفعلاء محذوفا عند الفارسيّ من الكوفيين ، والأخفش من البصريين أصله (أشيئاء) جمع شيء فخفّفا معا بحذف الياء المكسورة ، والتزم التخفيف. وهو عند الكسائيّ وأكثر الكوفيين أفعال مشبّه بفعلاء. فمنع. ومن هاهنا جمعوه على أشياوات.
ما فعل أمر وخطاب صالح |
|
لغيبة ومنقضي الزمان؟ |
يعني مثل : خافوا وناموا وتذكّروا وتعالوا. يصلح هذا ونحوه للأمر على جهة الخطاب ، وللفعل الماضي على جهة الغيبة.
__________________
٣٦٣ ـ الشاهد بلا نسبة في الأزهية (ص ١٨٧) ، وأسرار العربية (ص ١٣٦) ، وأوضح المسالك (١ / ٢٥٧) ، وتخليص الشواهد (ص ٢٥٢) ، وخزانة الأدب (٩ / ٢٠٧) ، والدرر (٢ / ٧٩) ، ورصف المباني (ص ١٤٠) ، وشرح الأشموني (١ / ١١٨) ، وشرح التصريح (١ / ١٩٢) ، وشرح ابن عقيل (ص ١٤٧) ، وشرح المفصّل (٧ / ٩٨) ، ولسان العرب (كون) ، والمقاصد النحوية (٢ / ٤١) ، وهمع الهوامع (١ / ١٢٠).