٣٧٧ ـ تبسم عن مختلفات ثعل |
|
أكسّ لا عذب ولا برتل |
عنى الأسنان ثم ردّه على الفم إلى موضعها ، ولو قال الأسنان من الفم فردّه على الفم لأنّه بعضه ، وقال : مثل قوله : [الطويل]
٣٧٨ ـ فماحت به غرّ الثّنايا مفلّجا |
|
وسيما جلا عنه الطّلال موشّما |
ذهب إلى الفم ، وغرّ الثنايا هو الفم غرّ ثناياه ، فهو خلف ، ليس أنّه ترك الثنايا ورجع إلى الفم ، وقوله : [الطويل]
٣٧٩ ـ هم منعوني إذ زياد كأنّما |
|
يرى بي أخلاء بقاع موضّعا |
ذهب به إلى الخلى وهو واحدها ، والخلى يكفي من الأخلاء ، ولا حاجة به أن يرجع إلى غيره.
وإن شئت في التفسير الثاني : كما يجعلون لفظ الواحد موضع الجميع وفي معناه ، كقوله تعالى : (الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ) [آل عمران : ١٧٣] ، فالذين في موضع واحد ، والذين قالوا ذلك هم الناس ، وإنّما يجوز هذا في الجمع الذي واحده يكفي منه ، ولفظه لفظ الواحد ، فأخرجوا الفعل على لفظه ، كقوله (٤) : [الطويل]
ألا إنّ جيراني العشيّة رائح |
|
[دعتهم دواع من هوى ومنادح] |
فردّ «رائح» على الجيران ، وهم جمع لأنّ مثل لفظه يكون واحدا ، وقال عزّ وجلّ : (وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ) [النحل : ٦٦] ، فردّ إلى النّعم لأنّه يكفي من الأنعام. وقال (٥) : [الطويل]
أمن آل وسنى آخر اللّيل زائر |
|
ووادي العوير دونها والسّواجر |
فجاءت بكافور وعود ألوّة |
|
شآميّة شبّت عليها المجامر |
فقلت لها فيئي فإنّ صحابتي |
|
سلاحي وحدباء الذّراعين ضامر |
ترك زائرا ورجع إليها ، وهذا لم يترك زائرا ويرجع إليها ، إنّما ذكر الخيال ثم خاطب المرأة لأنه خيالها ، فالخيال هو هي.
__________________
٣٧٧ ـ الشاهد في لسان العرب (ثعل) مع بيتين آخرين.
٣٧٨ ـ الشاهد غير موجود في المصادر اللغوية التي بين أيدينا.
٣٧٩ ـ انظر ديوان أبي تمام بشرح التبريزي (١ / ٩٣).
(١) مرّ الشاهد رقم (٣٤٧).
(٢) البيت الأول في ديوان الراعي النميري (ص ٧٧) ، ومعجم ما استعجم (٣ / ٩٨١).