شمالا إلى صحراء «القبجاق» وولاية «الأطر» على ساحل بحر الخزر ، ثم تابعت السير شمالا حتى اجتزت صحراء «هيهات» فى واحد وعشرين يوما فبلغت ولاية «هشدك» وهى بلاد عظيمة على ضفاف نهر «أدل» وهى تتبع موسكو وسكانها ٧٠٠ ألف من المسلمين لهم مساجدهم ومدارسهم ولكن ليس لجوامعهم مآذن وهم يؤدون الخراج لموسكو وقدره دينار ذهبى على كل شخص فى العام. وجبت بلادهم فى برد قارص طيلة سبعة أشهر وعبرت إلى الضفة الأخرى لنهر «أدل» فبلغت القلعة المسماة «يوانجسه» وطول النهار هناك إحدى وعشرون ساعة ونصف ساعة ، ولم يكن سكان هذه القلعة يؤدون صلاة العشاء وكنت مثلهم وفيها علماء فضلاء ، إلا أن لسانهم هو لسان موسكو وهم يتلون القرآن الكريم ويقرأون معانيه بالروسية وقد ترجموا كتاب «عماد الإسلام» إلى اللغة الروسية وترجم بعضهم جميع كتب الفرائض والفقه.
وجل الإقليم السابع يمتد فى مملكة موسكو وبلاد فغفور (١) وبولندا ودانصقة وقراقووجه وأسفج (٢) تقع جميعها فى الإقليم السابع. بيد أنه لشدة البرد فى موسكو يقل العمران فيها وتشكل صحارى هيهات معظم مساحة موسكو ، كما أن تتار القلموق خرّبوا الكثير من المناطق العامرة وعاثوا فيها فسادا.
وبينما كنت أتجول فى المنطقة بين نهرى «أدل» و «جالق» اكتشفت أنها تقع عند خط عرض ٣٦ درجة وطول نهارها ٢١ ساعة ونصف.
وعندما كنت أعد حساء الكرنب ظهرت الشمس فى وسط الفلك ولم يكن لحرارتها تأثير فيها والحاجة فى هذه المنطقة ماسة إلى ارتداء فروين فهى أماكن قارصة البرد.
ومسلمو الهشدك ونصارى الموثق غاية فى البلاهة ، ولا شجاعة لهم ، ولا وجود قط للحدائق والبساتين فى هذه البلاد ، ولكن الحيوانات والطيور والمراعى كثيرة فيها ، وأراضيها جد خصبة وقد تكلمت مع كثير من رحالة موسكو وقسيسيها وسألتهم عن بلادهم فقالوا :
__________________
(١) لعله يقصد الصين.
(٢) أسفج : السويد.