يا وزير ، وعندما شاع هذا الخبر على أفواه الناس اجتمع أناس كثيرون من أعيان وأشراف مصر والشام وحلب والعرب والعجم للاحتفال بمولد البدوى ، وكانت هناك ثلاثة آلاف وسبعمائة خيمة وأوطاق بخلاف الخيام الصغيرة المصنوعة من الكليم وهى الخيام الخاصة بالعربان ، وقد قام أصحاب الخير بوضع أسبلة المياه على رأس كل الطرقات لأن المياه فى هذا الميدان قليلة ، ولم تكن الأسبلة تكفى هذا الكم الهائل من البشر الذى يقدر عددهم بمئات الآلاف والنيل المبارك يبعد عن هذا المكان بمقدار ساعة عند محلة مرحوم ، ويحيط جند الكاشفين بهذا الكم الهائل من البشر ليلا ونهارا يقومون بحراستهم ، أما أعيان مصر فحرسهم خدامهم ، وذلك لأن اللصوص وأبناء الحرام يكثرون فى هذا الجمع ويكون موجودا فى هذا الميدان كل يوم عشرة أو خمسة عشر ألف من العربان العرايا برماحهم ويكونون مثل الغابة.
فصل فى بيان اللاعبين وأصحاب المهارات فى مولد البدوى
يقوم مئات العارفين من الطريقة البدوية والطريقة السعدية بمسك قطع الحديد التى احمرت من شدة النيران بأيديهم ، ويلعقونها بألسنتهم لتسكين نار الشوق التى عندهم ، ولإظهار معرفتهم ، وبعضهم يأكل قطع النار التى احمرت مثل العقيق الأحمر ، والحاصل أنه يجتمع فى ميدان البدوى سبعة وسبعين فرقة من أصحاب الألعاب كلاعبى النار ولاعبى الحبل ولاعبى اليد ولاعبى خيال الظل ، ولاعبى الخزف ، ولاعبى السحر ، ولاعبى القمار ، ولاعبى الحمار ، ولاعبى الطيور ، ولاعبى الديك ، ولاعبى الطاس ، ولاعبى القرد ، ولاعبى الكلب ، ولاعبى القدح ، ولاعبى الكبش ، ولاعبى المرآة ، ولاعبى الثعبان ، ولاعبى العين ، ولو دونّا كل ما يقوم به كل لاعب سنكتب كتابا مفصلا ، ويكثر اللصوص والنشالين ، ويجب على كل من يكون هناك أن ينتبه ويكون على يقظة دائما ، فمشهور عن اللصوص أنهم يسرقون الكحل من العين ، أما لصوص مصر فعندهم من المهارة ما يجعلهم يستطيعون سرقة العين ويبقى الكحل مكانه.