الفصل الثانى والستون
ذكر أقاليم مصر فى ضوء علم النجوم والهيئة
والاسطرلاب ومساحة البلاد وطول نهارها وطالعها
والمسافة بالميل بين السماء والأرض ومساحة العالم بالميل
تفكّر الحكماء القدامى فى آلاء الله وكتبوا عن أحوال العالم ، فقد قيل «تفكروا فى ألاء الله ولا تفكروا فى ذات الله» لذا تفكروا فى آلائه ـ سبحانه وتعالى ـ ووقفوا على جميع أسرار الكون بقوة العلم وطول العمر ؛ فقالوا : إن المسافة بين الأرض والسماء ٣٥٦ ميلا وبناء على هذا الحساب فإن محيط الدنيا ٢٠١٦٠ ميلا تقع فى البحر المحيط ، وتقع جزيرة مصر داخل هذه الدنيا. وطول قطر هذه الدنيا من الشمال إلى الجنوب ٦٤٠٠ ميل.
يقول ابن الوردى فى صحفه : إن بطليموس الحكيم قدّر محيط الأرض ب ٢٠١٦٠ ميلا (أى ٨٠٠٠ فرسخ) ، والميل يساوى ٣٠٠٠ ذراع مكى والذراع المكى ٣ أشبار ، وكل شبر ١٢ إصبعا وطول إصبع يساوى ٥ حبات شعير ونحن نقدرها ب ٧٦٣٦ ميلا (أى ٢٥٤٥ فرسخا) وثلث ، والمساحة الكلية لسطح الأرض ١٣٢ ألف ألف ميل و ٦٠٠ ألف و ٢٨٨ فرسخا.
وهذه الأقوال المذكورة هى أقوال صحيحة لبقراط وسقراط وفليقوس وبطلميوس وهم الذين أحاطوا بعجائب العلوم وغرائبها ، وملكوا ناصية شتى العلوم والفنون وكتبوا ما كتبوا بقوة العلم دون أن يتجولوا فى الأرض من أقصاها إلى أقصاها ، ودون أن يكون علمهم عنها علم اليقين ، وقالوا : إن محيط العالم ٢٠١٦٠ وكان ذلك بناء على أعمال عبقريتهم.
ولفظ «فتحتا» فتاريخ سنة ٨٨٩ حينما ضرب السلطان بايزيد ولى (١) الحصار على قلعة «كرمان» قدم عليه راهبان التقيا به وب «قره شمس الدين السيواسى» وزفا إليه البشرى بأنها ستفتح فى يوم كذا وساعة كذا ودقيقة كذا. وهذان الراهبان أحدهما كان
__________________
(١) هو السلطان بايزيد الثانى العثمانى ، اشتهر بلقب ولى بسبب تصوفه.