وليعلم إخوان الصفاء أنى قضيت فى الترحال إحدى وأربعين سنة ورأيت بأم عينى أن أطول الأنهار هو نهر «إدل» يليه فى الطول نهر «جايق» ثم نهر الطونة ثم نهر شط العرب ثم نهر النيل المبارك فى مصر الذى يصبح كأنه البحر فى شهر يوليو من كل عام بيد أنه فى بقية أوقات السنة يكون فى حجم نهر «دياله» القريب من «بغداد» أما نهر «إدل» هذا هناك العديد من الترع تتفرع منه وتجرى بجانبه.
وفى ضوء علم الهيئة وطبقا لما دونه الرحالة وعلى حد قول العالم الجهبذ «بطليموس» إن على وجه الأرض ٢٠٠ نهر عظيم و ٤٤٠٠٠ نبعا جاريا.
ويروى العوفى عن ابن عباس قوله : إن على وجه الأرض أنهارا تتفاوت طولا بعدد ما فى جسم الإنسان من شرايين ، ولو لم تجر هذه الأنهار على وجه الأرض لتمزقت الدنيا قطعا قطعا ، وما كان فى الإمكان أن يسكنها مخلوق. وهذا هو الحق فقد قال عز من قائل (وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍ) الأنبياء : ٣٠.
ويقول ابن إسحاق : على وجه الأرض ١٤٨ جبلا علاوة على مئات من الجبال الأخرى ولكن ما يعنينا منها شوامخها ، والتى قال الله فى شأنها فى كتابة العزيز (لَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) الشورى : ١٢ ومقاليد فى اللغة العربية بمعنى أقفال وإذا لم تتشابك الجبال وتحكم الأرض وكأنها الأقفال لما كان لوجه الأرض من قرار.
وصف الأقليم السبعة من منظور آخر
الإقليم الأول :
طوله من الشرق إلى الغرب ١٢٥٠ فرسخا ، وعرضه ١٩٠ ويضم هذا الإقليم ١٠٠٠ مدينة ، ٥٠ منها من كبريات المدن تقع معظمها فى أقاليم الزنوج ومنها الحبشة واليمن وصنعاء وبحرانة وطغار وحرش وجزيرة سرنديب والهند وميناء الصين ومدينة فارس ومراكش فى المغرب والسودان والفونج وبورنو.
الإقليم الثانى :
يبلغ طوله من الشرق إلى الغرب ٢٤٠٠ فرسخ وعرضه ١٣٦ ، وبه ٢٧ جبلا من شوامخ الجبال و ٣٦ واديا ، و ٢٠٠٠ مدينة ٥٠ منها مدن عظيمة ويمتد من خجند