التى بنى منها هذا الخان من مصر ولا يوجد فى دمياط بناء من حجر ما عدا هذا الخان والجامع الكبير ، وله بابان وبه مائة حجرة ، كما يوجد اثنان وثلاثون مقهى فيها ، أما فى السوق فعدد المقاهى ست وهو خان كبير وفى حرمه حوض ذو نافورة ، وعلى جانبيه مقاه فيها عازفون ومداحون وراقصون وفى هذه المدينة مائتان وستون شارعا وكلها شوارع واسعة نظيفة ، وفى أطرافها أسواق سلطانية ، وبها ألفان من الدكاكين ، كما أن بها ثلاثمائة طاحونة تديرها الخيول ، كما يوجد بها طواحين للزيت ، كما يوجد ستمائة مصنع ، كما أن فيها محلة لليهود ومحلة للقبط وسبع محلات للكفار ، كما يروح الفرنجة والأرمن ويغدون ولا وجود فيها لسفراء الفرنجة كما أن بها سبع كنائس وأربعون حانة وستمائة بيت وبها مائة وأربعون مضربا للأرز لأن دمياط أرض الأرز ، أما الحبوب التى ترد من الصعيد غالية الثمن وبها ثلاثة آلاف مخزن وبها ثلاثة آلاف صياد يصيدون السمك من دمياط ويصدر السمك المملوح المكبوس والبطارخ من دمياط إلى بلاد الروم وإلى بلاد الفرنجة ، لأن هذه المدينة فيها أنواع كثيرة من السمك ، وفى إدارة شيخ هذه البلدة آلاف الموظفين وحمدا لله فليس فيها بيوت للدعارة كما هو الشأن فى باب اللوق ، كما أن النساء فى هذه المدينة لا يخرجن إلى السوق وعندهن أن الخروج للسوق عيب كبير ، وفى الليل توضع المصابيح فى المنازل ، والشرطة فى النهار قليلون وأكثر الناس فلاحون ، وهم كادحون قادرون على الكسب مقتدرون ، والأعيان يلبسون الجوخ والحرير ، والفقراء ومتوسطو الحال منهم يلبسون الثياب الملونة ، والنساء يضعن على رءوسهن قلانس من الذهب الأحمر والفضة كما أن النساء يضعن على وجوههن سود البراقع كما ينتعلن نعالا زرقا وإذا ما خرجت امرأة إلى الشارع نهارا قتلت كائنة من كانت ، ولكن يؤذن لهن فى السعى فى جنازة موتاهن من ذوى قرباهن.
إن أهل هذه المدينة أهل ذوق ، ويقام حفل زفاف مرة فى كل ليلة فيرتفع الضجيج وفى أطراف هذه المدينة الأربعة ستة وستون من البساتين وحدائق رضوان ، ونور الليمون والسفرجل كثيف بحيث أن أحدا لو مر من بينها لتنسم شذاها ، وفى كل حديقة حوض وشادروان وحقيقة الأمر أن حدائق رضوان شورباجى وذو الفقار كتخدا كأنها حديقة