وتجاوزنا هذه القرية ، وفى الجنوب على ضفة النيل رأينا جبلا على ساحله قرى عامرة وفى هذه القرى رأينا نوعا من الدوم ، وفى الطريق إلى الشمال رأينا بلدة تسمى بلد الدوم ، وفيها أخشاب ترتفع فى السماء معوجة وغير معوجة لكنها أشجار دوم ، ولكن هذا النوع من الدوم كل عذق منه يزن قنطارا أو قنطارين ، وكل دومة فيها تزن أربعين أو خمسين درهما ، وهو دوم أحمر اللون وحجمها فى حجم القبضة وهم يستأصلون من الدوم شوكها ويضعونها فى حق فيه الفلفل الهندى والتبغ فيصبح هذا الدوم لذيذ المذاق والفلاحون غالبا ما يأكلونه.
أوصاف قصبة فوه العليا
هى قصبة معمورة بعيدة عن النيل فيها ثلاثمائة بيت وهى تحت حكم جرجا ، وهى مع توابع قوص ، وبها مائتان من الجند المعروفين ، ب (سكسان) ويتبعها تسعون قرية تدر أربعين كيسا ويتحصل منها على ثمانمائة أردب من الغلال ، وليس فيها جند من الفرق الأربعة ولا قائد وبها دار ضيافة عظيمة ، وبها جامعان كبيران وسبع زوايا ومقهيان ، وليس فيها حمام ولا خان ولا سبيل ولا سوق ، ولكن فيها مكتبين للصبيان ، والكاشفون يقيمون بها فى خيام وحتى الخيام التى يقيم فيها الكاشفون تقام فى الرمال ، وفيها أعمدة قديمة منقوشة ، وعلى حد قول المقريزى كانت هذه آثار قصور يسكنها الفراعين فى الزمان الخالى ، أما فى يومنا الحاضر فليست سوى صحراء لا أثر فيها للعمران ولا وجود لروضة ولا بستان ، وكثير من أهلها مفاليس ، ووجوههم شاحبة أميل إلى الصفرة ، وجوها ثقيل وفيها ضريح الشيخ إبراهيم نورى ، وله قبر صغير إلى جانب جامع كبير ، وله مناقب مذكورة فى كتاب الطبقات للشعراوى وتجولنا بعد ذلك بين قرى وفيرة المحاصيل بالقرب من النيل حتى اقتربنا من السويس وبينهما مسيرة ثمان ساعات ونصف ، وكما عبرنا أكواخا من القصب يسكنها العرب وبعد سبع ساعات بلغنا قنا.
أوصاف مدينة قنا
مدينة قنا فتحها عمرو بن العاص وبعد عمرو وفى خلافة عثمان وحين كان محمد ابن أبى بكر واليا على مصر قدم قنا ، وجعلها عاصمة ثلاثة أعوام ، وقد أصبحت هذه المدينة بعمائرها مصر الثانية ، وأقيمت بها قلعة بالقرب من ميناء القصير فى تلك الفترة