البواسل ، وقمنا فى الفجر وعبرنا أراضى حجرية وبعد ست ساعات كان الوقت الغروب فبلغنا :
ديار عشاير رده
وهم كذلك شجعان وهم عيّارون وشجعان يمضون إلى بلاد الحبشة ومكثنا فى خيمة شيخهم أبو عصيب ، وتناولنا لحم الجمل وشربنا لبن الناقة ، وحمدنا الله ، وأعلفت خيولنا الذرة ، وقوم رده هؤلاء لا يدينون بالطاعة إلى والى الحبشة ولا كاشف إبريم فهم جبابرة فى الأرض ، ومضينا على شاطئ النيل واجتزنا مدنا خربة وقطعنا المروج فى ثمانى ساعات فبلغنا قوم :
عربان الشبيكة
وهم ستة آلاف مقاتل من العرب وهم شجعان ، وشيخهم يسمى شجاع الدين ، وعندهم كثير من الذرة ولحم الغنم وخبز الذرة ولا وجود للقمح عندهم ، ولأنهم قوم عصاة متمردون لا يدفعون مال الغلال الذى على ما يزرعون ، فقمنا من عندهم ومضينا عنهم وولينا وجهنا قبل الجنوب ومضينا على شاطئ النيل ، وهو يأتى فى هذه الجهة من بلاد الحبشة ، وفى هذه البقاع عرب عصاة وفقراء ليس لهم إيمان كأنهم الحيوان ، وليسوا يتبعون ملك الحبشة ولا إبريم ولا بلاد الفونج إنهم رعاع عراة وقدمنا إليهم بعض الهدايا فغادرناهم سالمين ، وبعد أربع ساعات وصلنا إلى جبل السلسلة.
أوصاف قلعة السلسلة
إنها جبال شامخة توقع من ينظر إليها فى الخشية ، وفى هذه الجبال مئات من المغارات ولا يعلم عددها إلا الله ، حفرها قوم عاد وثمود وكانوا يسكنونها ، وسخرت لهم صخور الصوان وكأنما طحنوها وبنوا بها قاعاتهم وحجراتهم وكل حجرة ترتفع أربعين أو خمسين ذراعا ، وفيها عجائب وغرائب كأنها حية ، وفيها تماثيل وتصاوير غريبة وفى كنهها تحار العقول ، وفيها صور تنظر إلى مشاهدها وهى باسمة كأنها تبتسم ، وخلاصة القول أن جبل السلسلة هذا عجيبة من عجايب الزمان ، وعلى سطح هذه الصخور حصن حصين ، كما توجد قلعة قبالة النيل هى قلعة أتفود.