ويسمى العرب هذا السد بخيط العجوز ، وفى الجهة الشرقية للقلعة مغارات بها ألف تمساح مكفن وقد تراكمت هذه التماسيح بعضها على البعض وأكفانها من قشور الدوم ، ومن العجب أن البلى لم يصبها ، ولكن لا تنبعث رائحة خبيثة من رممها كسائر الحيوانات ، وهذا أمر عجب ، وهذه التماسيح يسمونها جبل التمساح ، وقد فتح ذو اليزن فى الصخر طريقا ، والسفن تمر فى هذا المضيق ، وهذه السفن سفن صغار وتمضى إلى أسوان ، ثم تحمل الجمال أحمال السفن ، وفى هذا المكان سبع مضايق وشلالات من بعيد تتدفق مياهها وتمر فى جبال شوامخ وبين صخور ، وثمة بوغاز والنيل ترتمى مياهه فى هوة فى طول المأذنة.
ومن عجب أن بعض السفن تطير فوق هذه الصخور ثم تجرى ويجرى النيل فى هذه المنطقة وبين ضفتين عليهما جبال كأنها الجودى ويتشعب النيل فى هذه المنطقة وبين كل شعبة وشعبة جزيرة والجزر المعمورة تقع فى الجانب المقابل ، وسوف نتحدث عن هذا فى موضعه بمشيئة الله.
ومن يمضون من قلومبو إلى الحبشة يبدأون السير من هذا الموضع وبعض وزراء الحبشة يقدمون إلى هذه القلعة ، ومنها يجمعون الجند ويحملون المؤن على الجمال ويقطعون الصحراء إلى الحبشة ، وليس لهم طريق سوى هذا الطريق ، وهذا الطريق طريق حجرى والطريق إلى إبريم على ضفة النيل ويمضى جنوبا وطريق إلى الحبشة فى الجهة الجنوبية ، وقد مضيت مع جماعة من قلعة قلومبو فى الطريق إلى إبريم وسرنا ثلاث ساعات حتى وصلنا :
مدينة صين باس
كانت مدينة عظيمة فى قديم الزمان ومضينا بين خرائبها يوما بتمامه وفيها غرائب وعجائب وأعمدة ومطلسمات ، وفيها ما فى (آت ميدانى) فى استانبول من أحجار مربعة وعليها علامات غريبة ، إنها كانت قديما مدينة قوم عاد ، وقد خرج من الحبشة أبرهة فى سبعين ألف فيل ومضى إلى هذه المدينة فخربها وأهلك أهلها ، وهى الآن مدينة خربة ليس فيها سوى البوم والأفاعى.