بلدة أرمن
إنها قريبة من النيل بها مائة بيت وجامع ، وأهالى هذه البلدة مواظبون على الصلاة وهم على المذهب الشافعى ، وكانت مدينة غاية فى العظمة وقد كتب عنها كثير من المؤرخين ، وفيها ولد موسى ـ عليهالسلام ـ ، وخوفا من بطش فرعون ثبت موسى فى لوح وألقى فى اليم ، وكان من حكمة الله عند ما مرّ موسى أمام قصر فرعون أن اتخذت آسيا زوجة فرعون موسى ولدا ، وربته ، ورأى فرعون موسى وأعجبه من موسى حركته ؛ فصمت. ولذلك تواريخ وقصص كثيرة ، فى تفاسير الطبرى وغيره فلا حاجة بنا هنا إلى ذكر ذلك ، وسبب تسمية هذه المدينة أرمن أن جد موسى لأبيه اسمه أرمن ويسكن هذه المنطقة الآن اليهود والقبط ، ويزورون ضريحه فى الكهف وبذلك سميت المدينة بأرمن ، وكان لأرمن ابن يسمى هرم ولابنه ولد يسمى حنام فمضى حنام هذا إلى ديار ماهان ، وهناك أصبح له الملك فيها وولد له ابن فسمى ولده أرمن على اسم جده ، وأصبح أرمن هذا ملكا مستقلا للأرمن ولذلك نسب الأرمن إلى موسى وأرمن ، ثم جاوزناها ومضينا على ضفة النيل نطوى المراحل بين القرى المعمورة على جانبى النيل لمسيرة ثمانى ساعات ، وبلغنا بلدة قورنا.
بلدة قورنا
هذه البلدة هى حدود أسنا كما أنها حد جرجا ، وأهلها جميعا يسكنون الكهوف إنهم قوم بيض الوجوه ، وهؤلاء القوم استشهدوا على يدى هولاكو فى زمن المستنصر ، وبعد أن خرب هولاكو مدينة بغداد ، ولما استولى هولاكو على المدينة فر المستكفى بالله منها إلى مصر ، فجعل له الظاهر بيبرس بالقرب من أسنا موطنا له ؛ ولذلك تسمى البلدة قورنا ، وقد قدم أهل قورنا إلى المدينة الجديدة وسكنوها وقد قدموا بأموالهم وأرزاقهم ، وزرعوا الأرض وعمروا البلدة ، وكل مغاراتها من بناء سيف بن ذى اليزن ، ومن دخل هذه الكهوف أخذه كل العجب ، إنها من حجر ، وفيها مقرنصات بديعة ، إنها من عجائب الدهر ، وفيها قصور وقاعات ومطابخ واسطبلات من شاهدها أخذه كل