محلاًّ للاجتماع.
وأجاب الأُستاذ دام ظلّه : بأنّ وجوب المقدّمة شرعاً ـ على القول به ـ إنّما اكتشف عن طريق حكم العقل بالملازمة بين وجوب ذي المقدّمة شرعاً ووجوب المقدّمة ، فالعقل لا يرى انفكاكاً بين مطلوبيّة ذي المقدّمة ومطلوبيّة المقدّمة ، لكنّ هذه المطلوبيّة من أوّل الأمر إنّما تكون بين ذي المقدّمة ومقدّمته المباحة لا مقدّمته المبغوضة للمولى ، فهو لا يرى الملازمة إذا كانت مبغوضة له ، وعليه ، فإنّ الوجوب يتوجّه إلى المقدّمة المباحة ، فلا يلزم الاجتماع.
وثانياً : إنّه ليس المورد من قبيل اجتماع الأمر والنهي ، بل من قبيل النهي عن العبادة ، لأنّ موضوع الوجوب هو «ذات المقدّمة» كالوضوء ، وموضوع الحرمة هو «الغصب» ، فتعلّق الأمر والنهي بما هو مصداق فعلاً للمقدّمة ، فيكون من مسائل النهي عن العبادة.
والجواب : صحيح أنّ عنوان «المقدّمة» خارج عن متعلّق الأمر ، إلاّ أنّ الأمر قد تعلّق بطبيعي الوضوء الجامع بين الفردين الحلال والحرام ، والنهي قد تعلّق بخصوص الفرد المغصوب ، فكان متعلّق الأمر غير متعلّق النهي ، ثمّ انطبقا على هذا الوضوء الغصبي فكان مجمعاً لهما.
وثالثاً : إنّ الغرض من المقدّمة هو التوصّل بها إلى ذي المقدّمة الواجب بالوجوب النفسي ، وهي لا تخلو إمّا أن تكون توصليّة أو تعبديّة ، فإن كانت توصليّة فهي توصل إلى ذي المقدّمة وإن كانت محرّمةً ، كالحج على الدابّة المغصوبة ، وإن كانت تعبديّة ـ كالوضوء مثلاً ـ وقع البحث في جواز اجتماع الأمر والنهي وعدم جوازه ، فإنْ قلنا بالجواز صحّت العبادة سواء قلنا بوجوب المقدّمة أم لم نقل ، وإن قلنا بالعدم وتقديم جانب النهي بطلت سواء قلنا بوجوب المقدّمة