المقتضيين للضدّين ، وهو عند الميرزا محال ، لأنّه مع وجود أحدهما في المحلّ وانتفاء قابليّته للآخر يكون للموجود مقتضٍ ، فإذا كان هذا الموجود مانعاً عن وجود الضدّ الآخر ـ كما يقول المحقّق الخونساري ـ فإنّ مانعيّته عنه هي بعد تماميّة المقتضي لوجود ذلك الضدّ ، فيكون الضدّ الآخر أيضاً ذا مقتضٍ ، فيلزم اجتماع المقتضيين للضدّين.
لكنّ المبنى المذكور غير مقبول ، فلا بدّ من جوابٍ آخر عن هذا التفصيل.
قال الأُستاذ :
والتحقيق هو النظر في مناط حاجة الشيء الممكن إلى العلّة ، وأنّ الحق في ذلك هو الإمكان لا الحدوث ، وحينئذٍ يبطل التفصيل ، وتوضيح ذلك :
إنّه قد ذهب جماعة إلى أنّ مناط حاجة الممكن إلى العلّة هو الحدوث ، فإذا تحقق له الحدوث استغنى عن العلّة لبقائه. وذهب آخرون إلى أنّ المناط هو الإمكان ، فإذا وجد فالمناط أيضاً ـ وهو الامكان ـ موجود ، فهو بحاجةٍ إلى العلّة بقاءً كاحتياجه إليها حدوثاً.
أمّا على الأوّل فيتمّ التفصيل ، لأنّ الضدّ الذي وجد في المحلّ يزول مقتضيه بمجرّد وجوده وحدوثه ، والضدّ الآخر غير الموجود قد فرض له مقتضي الوجود ، فيكون عدم وجوده مستنداً إلى وجود الضدّ الموجود في المحلّ ، ويكون عدم الموجود مقدمةً لوجود الضدّ غير الموجود.
وأمّا على مبنى التحقيق فلا يتم ، لأنّ المقتضي بعد حدوث الشيء موجود ، وهو مؤثّر في وجوده في كلّ آن ، فمقتضى الضدّ الموجود في المحلّ غير منعدم أصلاً ، وحينئذٍ ، تقع الممانعة بين مقتضي هذا الضدّ ومقتضى الضدّ غير الموجود ، فليس نفس وجود الضدّ هو المانع ليكون عدمه مقدّمةً.