كان الإجماع المذكور دليلاً على الاستحباب النفسي لها ، وإلاّ لم يتحقّق العباديّة للتيمّم.
وأشكل عليه الأُستاذ : بأنّ الإجماع على مقدميّة الطهارات للصّلاة وكونها عبادةً لا يثبت الاستحباب النفسي للتيمّم ، لاحتمال استناد المجمعين إلى الروايات التي أشرنا إليها ، أو لقولهم بأنّ الإتيان بالمقدّمة بداعويّة الأمر الغيري أو التوصّل إلى الصّلاة مقرّب. ومع وجود هذه الاحتمالات لا يكون هذا الإجماع كاشفاً عن رأي المعصوم أو عن دليل معتبر ....
وتحصّل اندفاع الاشكال بالنظر إلى الروايات واستظهار الاستحباب النفسي منها.
وأشكل الميرزا أيضاً : بأنّ الطّهارات الثلاث ـ لكونها مقدّمةً للصّلاة ـ متّصفة بالوجوب الغيري ، ومعه لا يمكن بقاء الأمر النفسي المتعلّق بها بحاله ، للتضادّ بين الأحكام ، وعليه ، فلا بدّ من الالتزام باندكاك الأمر النفسي الاستحبابي في الوجوب ، وحينئذ ، كيف يمكن أن يكون منشأً للعباديّة؟
قال الأُستاذ : وهذا الإشكال أيضاً قد تعرّض له الشيخ وأجاب عنه : بأن زوال الطلب قد يكون بطروّ مفسدة ، وقد يكون بطروّ مصلحةٍ أُخرى للطلب ، فإنْ كان الطارئ هو المفسدة فلا مطلوبية نفسية ، وإنْ كان هو المصلحة ، فإنّ حدّ المطلوبيّة يزول بعروضها وأمّا أصل المطلوبية فباق ، وحينئذٍ ، يمكن الإتيان بالطهارة بداعي أصل المطلوبيّة النفسيّة.
وقد أوضح المحقّق الأصفهاني هذا الجواب (١) : بأنّ الوجوب الغيري إن كان الإرادة الشديدة فلا كلام ، كأن يكون الوضوء ـ مثلاً ـ مطلوباً نفسيّاً قبل الوقت
__________________
(١) نهاية الدراية ٢ / ١١٩.