الاشكال بوجهين آخرين ...» (١) ولكنّ الأولى هو التعرّض لكلام الشيخ نقلاً عن التقريرات مباشرةً ، فإليك محصّل كلامه أعلى الله في علوّ مقامه (٢) :
إنّ من المقدّمات ما ندرك توقّف ذي المقدّمة عليه ، ومنها ما لا ندركه ، فالأوّل كتوقف الصعود على السطح على نصب السلّم ، فإنّ هذا واضح عند كلّ عاقل سواء جاء بيان فيه من الشارع أو لا ، لكنّ توقّف الصّلاة على الطهارة من القسم الثاني ، فإنّا لا ندرك كيفيّة توقف أفعال الصّلاة من الحركات والسكنات على الوضوء مثلاً ، فلا بدّ من الرجوع إلى الشارع ، ومن أمره بالوضوء عند القيام إلى الصّلاة نستكشف توقّفها عليه.
ثمّ إنّ الأفعال أيضاً مختلفة ، فمنها : ما يكون حسنه معلوماً ، ومنها : ما لا نعلم جهة الحسن فيه ، ومنها : ما يختلف بالوجوه فهو من وجهٍ حسن ومن وجهٍ قبيح ، كالقيام مثلاً عند دخول الشخص ، فقد يكون تعظيماً وإكراماً له وقد يكون إهانةً ... وأمر الوضوء من هذا الحيث أيضاً مجهول ، فإنّا لا ندرك أنّ الوضوء في أيّة حالةٍ يتّصف بالحسن حتى يكون مقدّمةً للصّلاة.
وعلى الجملة ، فإنّا جاهلون بالعنوان الذي به يتّصف الوضوء بالحسن والمقدميّة للصّلاة ، ولكنّ الشارع لمّا أمر بالوضوء أمراً غيريّاً ، كان أمره بذلك طريقاً لأنْ نأتي بالوضوء بعنوانه ، وإنْ كان العنوان على حقيقته مجهولاً عندنا.
وحاصل هذا الوجه :
أوّلاً : ليس الحسن والمقدميّة للوضوء بالنسبة إلى الصّلاة حاصلاً من جهة نفس الأمر الغيري حتى يلزم الدور ، بل ذلك يحصل من عنوانٍ يكون الأمر
__________________
(١) كفاية الأُصول : ١١١.
(٢) مطارح الانظار : ٧١.