لا يقبل الإضافة إلى المولى أصلاً كالظلم ، لقبحه الذاتي. ومنها : ما يصلح لذلك لأنّه يقبل الإضافة إليه كالعدل ، لحسنه الذاتي ، ومنها : ما لا يصلح لذلك إلاّ بعد الإضافة وأمّا قبلها فلا ، والحاكم في صلوحه لذلك هو العقل ، والعقل يرى المقربيّة في أحد أمرين إمّا أن يكون مقرّباً بالذات كالتعظيم ، وامّا أن يكون مقرّباً بالعرض ... والطهارات الثلاث ليست عبادةً بالذات ، وعباديتها بالعرض موقوف على إضافتها إلى المولى ، بأنْ يؤتى بها بداعي الأمر أو المحبوبيّة ، فلا يكفي مجرّد القابليّة فيها للعباديّة.
وقال السيد الخوئي : «والصحيح في المقام أن يقال : إنّ منشأ عباديّة الطّهارات الثلاث أحد أمرين على سبيل منع الخلو أحدهما : قصد امتثال الأمر النفسي المتعلّق بها مع غفلة المكلّف عن كونها مقدمة لواجب أو مع بنائه على عدم الإتيان به ، كاغتسال الجنب ـ مثلاً ـ مع غفلته عن إتيان الصلاة بعده أو قاصد بعدم الإتيان بها ، وهذا يتوقّف على وجود الأمر النفسي ، وقد عرفت أنّه موجود. وثانيهما : قصد التوصّل بها إلى الواجب ، فإنّه أيضاً موجب لوقوع المقدّمة عبادة ولو لم نقل بوجوبها شرعاً ، لما عرفت في بحث التعبّدي والتوصّلي من أنّه يكفي في تحقّق قصد القربة إتيان الفعل. مضافاً به إلى المولى وإن لم يكن أمر في البين» (١).
إذن ، ارتفع الإشكال ، لأنّ عباديّة العمل أصبحت منوطةً بإضافته إلى المولى وهي متحقّقة ، كما يرتفع اشكال ترتّب الثواب ، لأنّه قد أتى بالعمل بقصد التوصّل إلى الواجب النفسي لا بداعي الأمر الغيري.
__________________
(١) محاضرات في أُصول الفقه ٢ / ٢٢٩.