الثلاث ، وعلى الجملة ، فإنّ العباديّة تتحقّق بالأمر الغيري وتترتّب عليه جميع الآثار.
أمّا ترتّب الثواب ، فيكفي فيه الإتيان بالعمل مضافاً إلى المولى ، فإذا أُضيف إليه صلح لأنْ يكون مقرّباً إليه ولأن يترتّب عليه الأجر والثواب ، بل العقل حاكم بكفاية الإتيان به بمجرّد كون المحرّك نحوه مطلوبيّته للمولى ، فلا خصوصيّة لإضافته إليه ، بل إنّ حصوله بداعٍ إلهي يجعله مورداً للثواب ، والإتيان بالطهارات كذلك ، وإنْ كان الطلب الدّاعي له غيريّاً لا نفسيّاً.
وكذلك عباديّة العمل ، فإنّها تتحقّق بإضافته إلى المولى وإنْ كان الطلب المتوجّه إليه غيريّاً ، لعدم الفرق في تحقّق الإضافة بين الطلب النفسي والغيري ، والأمر في الطهارات الثلاث من هذا القبيل ، فالعباديّة متحقّقة فيها بالأمر الغيري ولا إشكال في ذلك ، إلاّ مشكلة الدور التي ذكرها الشيخ ، لأن متعلّق الأمر فيها ليس هو الأفعال من الغسل والمسح ، بل الأفعال بوصف العباديّة ، فلو تحقّقت العباديّة لها من ناحية الأمر الغيري لزم الدور.
وقد تقدّم منّا حلّ هذه المشكلة : بأنها تبتني على أنْ تؤخذ في متعلّق الأمر الغيري خصوصيّة الإتيان به بقصده ، إذْ يلزم تقدم المتأخّر وتأخّر المتقدّم ، أو لا تؤخذ ولكنّ الإطلاق يكون بنحو جمع الخصوصيّات ، فتكون الخصوصيّة المذكورة مأخوذةً في ضمنها ، وأمّا إذا كان المتعلّق وهو الغسل والمسح في الوضوء مطلقاً بنحو رفض القيود ، كان المأخوذ فيه طبيعة العباديّة ، ويكون الإتيان به بقصد الأمر الغيري من مصاديق الطبيعة ، فالأمران مختلفان والدور غير لازم.
وتلخّص : إنّ منشأ عباديّة الطهارات الثلاث أحد أُمور ثلاثة :
١ ـ قصد امتثال الأمر الاستحبابي النفسي ، فالعمل مضاف إلى المولى. ذكره