ونقول :
هناك حالات تنتاب الجماعات ، وهي تواجه قضاياها الكبرى ، لا يصح الانسياق معها ، بل لا بد من معالجتها والتخلص منها. ومن هذه الحالات : أن اجتماعها مع بعضها البعض قد يشعرها بالقوة بدرجة قد تتجاوز حدود قوتها الطبيعية ، الأمر الذي يهيء لوقوعها في براثن الغفلة عن بعض الثغرات التي تعاني منها .. وربما يكون ذلك سببا في تدني مستوى قوتها بصورة كبيرة وخطيرة ..
وقد ظهر مصداق ذلك في حرب حنين ، حيث تلاشت قوة المسلمين أو كادت ، بسبب هذا الشعور بالذات. فقد قال تعالى : (لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ فِي مَواطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ) (١).
ومن هذه الحالات أيضا ، هيمنة العقل الجماعي على تلك الجماعة ، وتدني مستوى تفكيرها ليصل إلى أضعف حالاته ..
__________________
الرزاق (٩٢٤٤) وانظر البداية والنهاية ج ٤ ص ٢١٣ وراجع : السيرة الحلبية ج ٣ ص ٣٣ ومسند أحمد ج ٤ ص ٤١٨ و ٤٠٢ وج ٥ ص ٢٦٥ وعن صحيح البخاري ج ٥ ص ٧٥ وج ٧ ص ١٦٩ وعن صحيح مسلم ج ٨ ص ٧٤ ومجمع الزوائد ج ١٠ ص ٩٨ والديباج على مسلم ج ٦ ص ٥٩ ومسند أبي داود ص ٣٢٦ ومنتخب مسند عبد بن حميد ص ١٩٢ والسنن الكبرى للنسائي ج ٤ ص ٣٩٨ وج ٦ ص ٧ وكتاب الدعاء للطبراني ص ٤٧٢ وسير أعلام النبلاء ج ٨ ص ٣٣٢ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٤٠٤.
(١) الآية ٢٥ من سورة التوبة.