غير أننا لم نستطع أن نقنع أنفسنا بصوابية هذا التدبير ، فإن فصل العيال عن المقاتلين بهذا النحو قد يعطي الفرصة للجيش المهاجم لتكليف طائفة من مقاتليه بمشاغلة المقاتلين في حصن النطاة ، ثم تتولى فئة أخرى مهاجمة الحصن الذي فيه العيال والأموال ، وفتحه ، والاستيلاء على ما ومن فيه .. وبذلك يكونون قد عرضوا أنفسهم لضربة قاصمة على الصعيد النفسي على أقل تقدير.
ومن جهة ثانية نقول : ماذا لو أن الجيش المهاجم اختار أن يهاجم الحصن الذي فيه المال والعيال بكل جنوده ، أو اختار حصنا آخر غير حصني النطاة والكتيبة ، ليهاجمه ، فما الذي يصنعه الجيش المتجمع في حصن النطاة؟! هل سيترك مواقعه ، ويبادر لنجدة مقاتلي الحصن الآخر؟!
وهل سوف يصحر للجيش المهاجم ، ويلاقيه في الصحراء ، أو بين أشجار النخيل؟
أم سوف يبقى معتصما بالحصن الذي هو فيه ، ويكتفي بالرمي من فوق الأسوار؟!
من أجل ذلك نقول :
لعل الحقيقة هي : أن اليهود قد وضعوا عيالهم وأموالهم ، ورجالهم في الحصن الأقوى بنظرهم. ووضعوا قسما من رجالهم في أول حصن يتوقعون مهاجمة الجيش القادم له .. على أمل أن يتمكنوا من حفظ تلك الحصون من أخذ المهاجمين لها ، والاستفادة منها في إذلالهم ، وقهرهم.
كما أن تواجدهم في تلك الحصون قد يربك المسلمين ، ويوهمهم صعوبة تحقيق النصر ، ويبعث في نفوسهم اليأس من الظفر ، ويحملهم على