وجعل يأتي من بقي من فلّ النطاة إلى حصن النزال ـ وفي الحلبية : يقال له : حصن البريء ، وهو الحصن الثاني من حصني الشق ـ فغلقوه ، وامتنعوا فيه أشد الامتناع.
وزحف رسول الله «صلىاللهعليهوآله» إليهم في أصحابه ، فقاتلهم ، فكانوا أشد أهل الشق رميا للمسلمين بالنبل والحجارة ، ورسول الله «صلىاللهعليهوآله» معهم ، حتى أصابت النبل ثياب رسول الله «صلىاللهعليهوآله» وعلقت به.
فأخذ رسول الله «صلىاللهعليهوآله» النبل فجمعها ، ثم أخذ لهم كفا من حصى ، فحصب به حصنهم ، فرجف الحصن بهم ، ثم ساخ في الأرض ، حتى جاء المسلمون ، فأخذوا أهله أخذا (١).
ونقول :
إننا نشير إلى ما يلي :
١ ـ لا ندري إلى أي حد كان أولئك الذين يطلبون البراز بين الصفين مغرورين بأنفسهم ، وواثقين بقوتهم!! خصوصا إذا كنا مقتنعين ، بأن الدافع الديني لم يكن هو المؤثر في اندفاعهم إلى الحرب ، ولا في اتخاذ القرار بشأنها.
ولعلنا نستطيع أن نؤكد : أن حب الدنيا ، وحب الشهرة فيها ، جعلهم عاجزين عن تقييم الأمور بصورة منصفة وموضوعية ، وسد عليهم باب التعقل ، والتدبر ، والإنصاف ، حتى لأنفسهم ، فكيف ينصفون غيرهم.
__________________
(١) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ١٢٣ ودلائل النبوة للبيهقي ج ٤ ص ٢٢٤ والمغازي للواقدي ج ٢ ص ٦٦٧ و ٦٦٨ والسيرة الحلبية ج ٣ ص ٤٠.