«صلىاللهعليهوآله» ذلك ، فقال : لأعطين الراية الخ .. (١).
فهذا الغضب والاستياء من رسول الله «صلىاللهعليهوآله» يدل على : أن هزيمتهم لم يكن لها ما يبررها أصلا.
بل إن قوله ثلاث مرات : هكذا تفعل المهاجرون والأنصار ، يشير إلى أسف بالغ ، وحسرة قوية ، قد انتابته من فعلهم هذا ، حيث يدل ذلك على أن ما يجري ليس بسبب قوة اليهود ، بل هو نتيجة تخاذل ، وجبن من أصحابه ، ولهذا الجبن والخور دلالته السلبية ..
ومما يؤكد ذلك كله : أن نفس المهاجرين والأنصار كانوا يتبادلون الاتهامات حول ما يجري ، الأمر الذي يدل على قناعتهم بأن مسؤولية ما حصل تقع على عاتقهم أنفسهم.
ثالثا : لو صح قولهم : إنهما قاتلا قتالا شديدا ، وجهدا ، لم يصح تعريض النبي «صلىاللهعليهوآله» بهما وبمن معهما ، وإظهار الإزراء عليهما ، وفضحهما على رؤوس الأشهاد. بل كان اللازم تقدير جهودهما ، وجهادهما ، وإغداق الأوسمة عليهما ، فهذا الاستياء ، وذلك التعريض والتأنيب ، وإظهار الأسى والغضب يدل دلالة واضحة على أنهما قد ارتكبا بفرارهما أمرا عظيما ، وأن هذا الفرار كان على درجة كبيرة من القباحة والشناعة ، جعلتهما يستحقان ذلك كله ..
وبات من الضروري عقوبتهما بهذه الطريقة المؤلمة ، التي تخلد اسميهما في سجل لا يحب أحد أن يكون له اسم فيه ، وهو سجل الفرارين في
__________________
(١) البحار ج ٢١ ص ٢١ عن إعلام الورى ج ١ ص ٢٠٧.