«أما علي فقد كفيتموه ، فإنه أرمد لا يبصر موضع قدمه» (١).
غير أن عليا «عليهالسلام» لما سمع مقالة رسول الله «صلىاللهعليهوآله» قال : «اللهم لا معطي لما منعت ، ولا مانع لما أعطيت».
وربما يكون قد دار في خلدهم : أن هذه الأوسمة تعطى جزافا ، وأن وجود علي «عليهالسلام» بينهم كان هو العائق لهم عن نيلها .. وأن فرارهم السابق لا يضر ، فلعل الجيش الذي سوف يقودونه سيجد الفرصة لتحقيق النصر أو لعل بعضهم قد ظن أن هذا الفتح ـ الذي وعدهم رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ـ سيكون سهلا ؛ لأنه وعد تضمن الإشارة إلى التدخل الإلهي الذي يأتي بالفتح ، فلا تعب ولا نصب ، بل هي معجزة يظهرها الله تعالى ، وينتهي الأمر .. وهم أهل لأن يظهر الله سبحانه المعجزات لمصلحتهم ومن أجلهم ..
وهذا سوف يعوضهم عن النكسة التي مني بها أحباؤهم ، الذين هربوا بالراية أكثر من مرة في هذه الحرب.
ولعل فيهم أيضا من احتمل أن يكون لغضب رسول الله «صلىاللهعليهوآله» تأثير على روحيات المقاتلين ، الذين سوف يهاجمون الحصن بقوة واندفاع ، يوفر على حاملي الراية جهدا ، ويحقق لهم نصرا على أيدي غيرهم ، ويظهر لهم فضلا يكون لهم بمثابة الغنيمة الباردة التي يحلم بها الضعفاء ، والفرارون عادة ..
__________________
(١) مناقب آل أبي طالب ج ٢ ص ٣١٩ والبحار ج ٢١ ص ٢١ عن ابن جرير وأبي إسحاق ، وإعلام الورى ج ١ ص ٢٠٧.