ولعلهم أرادوا في جملة ما أرادوه من هذا الحديث : أن يشككوا الناس بزهده «عليهالسلام» في ملبسه ، وأن يقولوا لهم : إن ذلك بسبب عدم شعوره بحر ولا برد.
ثانيا : إننا لا نجد أي ارتباط بين شكوى علي «عليهالسلام» من الرمد ، وبين الدعاء المنسوب للنبي «صلىاللهعليهوآله» وهو : اللهم أذهب عنه الحر والبرد. فإنه «عليهالسلام» لم يكن يشكو من حر ولا برد.
بل كانت شكواه من رمد عينيه ، فهل هذا إلا من قبيل أن تقول لإنسان : إني عطشان ، فيقول لك : نم على السرير؟!
ثالثا : حتى لو كان قد دعا له بإذهاب البرد والحر عنه .. فإنه لا يجب استمرار أثر ذلك حتى الممات ، بل يكفي أن لا يشعر بالبرد والحر في ذلك اليوم ، أو في أيام خيبر مثلا.
ويدل على ذلك : أنهم قد رووا عن بلال ، قوله : أذّنت في غداة باردة فخرج رسول الله «صلىاللهعليهوآله» فلم ير في المسجد أحدا ، فقال : أين الناس يا بلال؟!
قال : منعهم البرد.
فقال : اللهم أذهب عنهم البرد.
قال بلال : فرأيتهم يتروحون (١).
__________________
(١) سبل الهدى والرشاد ج ١٠ ص ٢١٤ عن البيهقي ، وأبي نعيم ، والطبراني وجمع الزوائد للهيثمي ج ١ ص ٣١٨ والكامل لابن عدي ج ١ ص ٣٤٦ والموضوعات لابن الجوزي ج ٢ ص ٩٣ وأسد الغابة ج ١ ص ٢٠٩ وميزان الإعتدال ج ١ ص ٢٨٩ ولسان الميزان لابن حجر ج ١ ص ٤٨٢ والبداية والنهاية ج ٦ ص ١٨٥.