وقد زعموا : أنها قالت له ذلك : لأنها كانت تتعاطى الكهانة.
والجواب : إن كونها تتعاطى الكهانة لا يعطيها القدرة على معرفة الغيب الإلهي ، فإنه تعالى وحده (عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً ، إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ ..) (١).
ويشهد لذلك : أننا وجدنا في جملة الأقوال حول تسمية علي «عليهالسلام» بحيدرة : أن اسمه في الكتب المتقدمة أسد ، والأسد هو الحيدرة ..
وسيأتي بعض الحديث عن ذلك ، تحت عنوان : «من سمى عليا «عليهالسلام» بحيدرة» إن شاء الله تعالى.
ولعل هناك من يريد اعتبار قول اليهودي : علوتم (أو غلبتم) والذي أنزل التوراة على موسى ، قد جاء على سبيل التفؤل بالاسم ..
ونحن وإن كنا لا نصر على بطلان هذا الاحتمال ، باعتبار أن الذين يشتد تعلقهم بالدنيا يتشبثون ولو بالطحلب ، ويخافون حتى من هبوب الرياح ، ويتشاءمون ويتفاءلون بالخيالات والأشباح ..
غير أننا نقول :
إنه مع وجود الشواهد والمؤيدات لما ذكره أبو نعيم ، لا يبقى مجال لترجيح الاحتمال الآخر ..
ونزيد هنا : أن ما أكد لهم صحة ما ورد في كتبهم ، هو ما تناهى إلى مسامعهم من مواقف علي «عليهالسلام» التي تظهر أنه أهل لما أهّله الله تعالى له ، كما دلت عليه معالي أموره في المواقع المختلفة في الحرب ، وفي
__________________
(١) الآيتان ٢٦ و ٢٧ من سورة الجن.