الله عليه وآله» قد جنّبه غضاضة الإحساس بأن ثمة تهمة تموج في نظرات الناس إليه ، وأنه يحتاج إلى إعداد وسائل دفعها عن نفسه ..
٣ ـ ثم إنه «صلىاللهعليهوآله» قد تقدم خطوة أخرى باتجاه حسم الأمر لصالح أبي عبس ، حين أعلن براءة أبي عبس من أية شبهة من هذا القبيل ، وبيّن أنه يعيش حالة الفقر والحاجة حقا ، ليس وحده ، وإنما هو وأصحابه الفقراء.
٤ ـ ثم شفع ذلك بالإخبار عن أمر غيبي ، من شأنه : أن يفرح الكثيرين من الناس من طلاب الدنيا ، حيث أخبره : أنه هو وأصحابه ، إن سلموا وعاشوا فسيكثر زادهم ، وما يتركونه لأهليهم ، وستكثر دراهمهم وعبيدهم.
وقد تضمن هذا الخبر الإشارة إلى أمرين :
أحدهما : أنه قد إشار إلى احتمال سلامتهم وبقائهم على قيد الحياة ، ولكنه لم يجزم لهم بذلك.
حيث قال : لئن سلمتم وعشتم ، وذلك لكي يعطيهم الفرصة لإخلاص النية في الجهاد ، وليمكنهم من الإقدام على ما فيه احتمالات الشهادة ، ولا يحرمهم من السعي لنيل هذا المقام الجليل ..
الثاني : أنه قد بيّن لهم : أن تحقيق ما يخبرهم به لا ينبغي أن يكون من أسباب اغترارهم بأنفسهم ، وتخيّل أن ذلك عطية وكرامة إلهية لهم ، بسبب رفعة مقامهم في طاعته ، وعلو درجتهم في الإخلاص له ..
بل ذلك امتحان وابتلاء ، لا بد لهم من أن يحذروا منه ، حتى لا يقعوا في فخ الركون إلى الدنيا ، والاغترار بزبارجها ، وبهارجها ..
وبذلك يكون قد أعطاهم القاعدة الصحيحة في التعامل مع الكثرات